الإمامة أنها أحد عشر شرطا: وهذا أيضا دعوى بلا برهان ..
وما كان هكذا فهو باطل فوجب أن ينظر في شروط الإمامة التي لا تجوز الإمامة لغير من هن فيه فوجدناها: أن يكون صليبة قريش لإخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الإمامة فيهم .. وأن يكون بالغا مميزا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاثة فذكر الصبى حتى يحتلم والمجنون حتى يفيق .. وأن يكون رجلا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة، وأن يكون مسلما لأن الله تعالى يقول:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} والخلافة أعظم السبيل ولأمره تعالى بإصفاء أهل الكتاب وأخذهم بأداء الجزية وقتل من لم يكن من أهل الكتاب حتى يسلموا ..
وأن يكون متقدما لأمره عالما بما يلزمه من فرائض الدين متقيا لله تعالى بالجملة غير معاين بالفساد في الأرض لقول الله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} لأن من قدم من لا يتقى الله عز وجل ولا في شيء من الأشياء أو قدم معلنا يالفساد في الأرض أو غير مأمون أو من لا ينفذ أمرًا أو من لا يدرى شيئا من دينه فقد أعان على الإِثم والعدوان ولم يعن علي البر والتقوى ..
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" وقال عليه السلام: "يا أبا ذر! إنك ضعيف .. لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم" وقال الله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} فصح أن السفيه والضعيف ومن لا يقدر على شيء فلابد له من ولى .. ومن لابد له من ولى فلا يجوز أن يكون وليًا للمسلمين .. فصح أن ولاية من لم يستكمل هذه الشروظ الثمانية باطلة لا يجوز ولا ينعقد أصلا .. ثم يستحب بأن يكون عالما يخصه من أمور الدين من العبادات والسياسة والأحكام مؤديا للفرائض كلها لا يخل بشئ منها مجتنبًا لجميع الكبائر سرًّا وجهرًا .. مستترا بالصغائر إن كانت منه ..
فهذه أربع صفات يكره أن يلى الأمة من لم ينتظمها فإن ولى فولايته صحيحة ونكرهها .. وطاعته فيما أطاع الله فيه واجبة وسننه معًا لم يطع الله فيه واجب .. والغاية المأمولة فيه أن يكون رفيقا بالناس في غير ضعف شديدا في إنكار المنكر في غير ضعف ولا تجاوز للواجب مستيقظا غير غافل شجاع النفس غير مانع للمال في حقه ولامبذرا له في غير حقه ..
ويجمع هذا كله أن يكون الإمام قائما بأحكام القرآن وسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . فهذا يجمع كل فضيلة …
قال أبو محمد: ولا يضر الإمام أن يكون في خَلْقِهِ عيب كالأعمى والأصم والأجدع والأجذم والأحدب والذي لا يَدَان له ولا رجلان .. ومن بلغ الهرم ما دام يعقل ولو أنه ابن مائة عام .. ومن يعرض له الصرع ثم يفيق .. ومن بويع إثر بلوغه الحلم وهو مستوف لشروط الإمامة ..
فكل هؤلاء إمامتهم جائزة إذ لم يمنع منها نص قرآنى ولا سنة ولا إجماع ولا نظر ولا دليل أصلا .. بل قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}. فمن قام بالقسط والعدل فقد أدى ما أمر الله به ..
ولا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أنه لا يجوز التوارث في الإمامة ولا في أنها