الحدود .. ومثله الصبى والمجنون لا ولاية لأحدهما على نفسه فلا تكون له ولاية على غيره ولو خاصة فكيف بالولاية العامة ..
ولأن النساء أمرن بالقرار في البيوت فكان مبنى حالهن على الستر وخروجهن إلى المجتمعات يعرضهن للانكشاف والاختلاط والوقوع في المحرم وهو حرام .. وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه أن أهل فارس ولوا عليهم بنت كسرى فقال:"لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، ففى الفلاح عمن ولوا أمرهم امرأة فهو بمنزلة النهى عن ذلك والأمر عام فيشمل كل أمر عام الإمارة وغيرها .. وقوله: قادرًا .. أي على تنفيذ الأحكام وإنصاف المظلوم من الظالم وسد الثغور وحماية البيضة وحفظ حدود الإسلام وتجهيز الجيش وجر العساكر .. وقوله: قرشيا .. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأئمة من قريش، وقد سلمت الأنصار الخلافة لقريش بهذا الحديث ..
وبه يبطل قول الضرارية - إن الإمامة تصلح في غير قريش .. وقول الكعبية: إن القرشي أولى بها .. ولا يشترط أن يكون الإمام هاشميا .. أي من أولاد هاشم ولا علويا .. أي من أولاد على بن أبى طالب كما قال بعض الشيعة نفيا لخلافة بنى العباس ولا معصوما .. كما قالت الاسماعيلية والاثنى عشرية أو الإِمامية كما في شرح المقاصد ..
ويكره تقليد الفاسق .. أشار إلى أنه لا تشترط عدالته .. وعدها في المسايرة للكمال ابن الهمام من الشروط وعبر عنها تبعا للإمام الغزالى بالورع .. وزاد في الشروط العلم والكفاءة وقال:
والظاهر أن الكفاءة أعم من الشجاعة تنتظم كونه ذا رأى وشجاعة كى لا يجبن عن الاقتصاص وإقامة الحدود والحروب الواجبة وتجهيز الجيوش. وهذا الشرط يعنى الشجاعة مما شرطه الجمهور ..
ثم قال: وزاد كثيرون الاجتهاد في الأصول والفروع ..
وقيل لا يشترط الاجتهاد ولا الشجاعة لندرة اجتماع هذه الأمور في واحد .. ويمكن تفويض مقتضيات الشجاعة والحكم إلى غيره وأن يستفتى العلماء ..
وعند الحنفية: العدالة ليست شرطا للصحة .. فيصح تقليد الفاسق الإمامة مع الكراهة .. وإذا قلد عدلا ثم جاز أو فسق لا ينعزل ولكن يستحق العزل إن لم يستلزم عزله فتنه .. وإلا ترك .. ويجب أن يدعو له بالصلاح والاستقامة .. ولا يجب الخروج عليه في هذه الحالة كذا عن أبى حنيفة .. وكلمتهم في توجيه ذلك أن الصحابة رضوان الله عليهم صلوا خلف، بعض بنى أمية وقبلوا الولاية منهم .. وفى هذا نظر .. إذ لا يخفى أن أولئك كانوا ملوكا تغلبوا .. والمتغلب تصح منه. هذه الأمور للضرورة .. وليس من شرط صحة الصلاة خلف إمام أن يكون عدلا .. وصار الحال عند المتغلب كما لم يوجد أو وجد ولم يقدر على توليته لغلبة الجورة .. انتهى كلام المسايرة للمحقق ابن الهمام ..
هذه هي أقوال المؤلفين في موضوع الخلافة من الفقهاء والمتكلمين في بيان الشروط التي يجب أن تتوافر في الشخص ليصح شرعا أن يكون خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين يدير شئونهم ويرعى مصالحهم في ظل من كتاب الله وسنة رسوله وأحكام شريعته .. وبالنظر في هذه الأقوال نجد أنهم اختلفوا في كثير من الشروط هل يجب اعتبارها شروطا لا يصلح للخلافة إلا من تتوافر فيه وتجتمع له أو لا تعتبر كذلك