للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالعدل وهذا خطاب لمن يملك تنفيذ الأحكام وهم الأمراء والقضاة .. ثم عطف عليه الأمر بطاعة أولى الأمر وهم ولاة الأمر الذين يحكمون عليهم ما داموا عدولا مرضيين ..

وليس يمتنع أن يكون ذلك أمرًا بطاعة الفريقين من أولى الأمر وهم أمراء السرايا والعلماء إذ ليس في تقدم الأمر بالحكم بالعدل ما يوجب الاقتصار بالأمر بطاعة أولى الأمر على الأمراء دون غيرهم ..

وقد روى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أطاع أميرى فقد أطاعنى" وروى الزهرى عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخيف من منى فقال: "نضر الله عبدًا سمع مقالتى فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه لا فقه له .. ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه .. ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن (في هامش الصفحة أن قوله عليه السلام "لا يغل" فيه روايتان بفتح الياء وكسر الغين .. وبضم الياء وكسر الغين .. ومعنى الأول لا يدخل قليه حقد يزيله عن الحق .. ومعنى الثاني لا يكون في قلبه غش ولكن يكون مخلصًا في هذه الأشياء لله تعالى) إخلاص العمل لله تعالى .. وقال بعضهم: وطاعة أولى الأمر - وقال بعضهم: والنصيحة لأولى الأمر ..

ولزوم جماعة المسلمين .. فإن دعوتهم تحيط من وراءهم - والأظهر من هذا الحديث أنه أراد بأولى الأمر الأمراء .. ثم ناقش ورد قول الروافض أن المراد بأولى الأمر في الآية الإمام المعصوم أو على بن أبى طالب.

هذا ما ورد في القرآن الكريم في شأن طاعة أولى الأمر وتلك هي آراء الفقهاء والمفسرين في تأويل المراد بأولى الأمر في الآية الكريمة وما تجب أو تحرم طاعتهم فيه .. وحذو ذلك وما يراعى فيه ..

أما ما ورد في السنة النبوية الشريفة في هذا الشأن فمنه ما رواه مسلم بسنده إلى أبو هريرة رضى الله عنه أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أطاعنى فقد أطاع الله ومن عصانى فقد عصى الله .. ومن أطاع أميرى فقد أطاعنى ومن عصى أميرى فقد عصانى".

وما رواه بسنده إلى نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" وما رواه بسنده إلى على رضى الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا طاعة في معصية الله .. إنما الطاعة في المعروف". وما رواه بسنده إلى عبادة بن الصامت رضى الله عنه أنه قال: دعانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعناه على السمع والطاعة في منشطنا ومكروهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا ولا ننازع الأمر أهله .. وقال: "إلا أن تروا كفرًا بواحا عندكم من الله فيه برهان".

ومنه: "من خلع يدا من طاعة لقى الله يوم القيامة لا حجة له .. ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" وماروى هشام بن عروة عن أبى صالح عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "سيليكم بعدى ولاة فيليكم البر ببرِّه ويليكم الفاجر بفجوره فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساءوا فلكم وعليهم .. ".

وقال النووى في شرح مسلم: إن أحاديث هذا الباب التي أطلقت في وجوب طاعة أولى الأمر يجب أن تحمل على ما يوافق الأحاديث