للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطارئ كالساكن إلا أن يقتصر به على ساكنيه دون الطارئين إليه ..

ولو قلد الحكم فيمن يرد إليه في داره أو في مسجده صح ولم يجز أن يحكم في غير داره ولا في غير مسجده لأنه جعل ولايته مقصورة على من يرد إلى داره أو مسجده وهم لا يتعينون إلا بالورود إليهما فصار حكمه فيهما شرطا ..

قال أبو عبد الله الزبيرى: لم تزل الأمراء عندنا بالبصرة برهة من الدهر يستقضون قاضيا على المسجد الجامع يسمونه قاضى المسجد يحكم في مائتى درهم وعشرين دينارًا فما دونها ويفرض النفقات ولا يتعدى موضعه ولا ما قدر له ..

ويجوز أن تكون ولاية القاضي مقصورة على حكومة معينة بين خصمين وتكون ولايته في النظر بينهما باقية ما دامت الخصومة قائمة .. فأذابت الحكم بينهما. فيها زالت ولايته .. وإن تحددت بينهما خصومة أخرى لم ينظر فيها إلا بإذن مستجد ..

فلو لم يعين الخصوم وجعل النظر مقصورا على الأيام وقال: قلدتك النظر بين الخصوم في يوم السبت وحده جاز نظره فيه بين الخصوم في جميع الدعاوى وتزول ولايته بغروب الشمس منه .. ولو قال: قلدتك النظر في كل يوم سبت جاز أيضًا وكان مقصورا على النظر فيه .. فإن خرج يوم السبت لم تزل ولايته لبقائها على أمثاله من الأيام وإن كان ممنوعا من النظر فيما عداه من الأيام ..

وفى المغنى لابن قدامة الحنبلى: أنه لا يجوز أن يقلد القضاء الواحد على أن يحكم بمذهب بعينه عند أحمد والشافعى .. ولا أعلم لأحد خلافا فيه لأن الحق لا يتعين في مذهب .. فإن قلده على هذا الشرط بطل الشرط وفى فساد التولية وجهان بناء على الشرط الفاسد في البيع ..

وفى تبصرة الحكام لابن فرحون المالكى: إن جميع تلك التعبيرات لا يجوز للإمام اشتراطها في تقليد القضاء لأنه اشتراط ما لا يجوز .. ومن كان لا يقضى إلا بما أمن به من ولاه فليس بقاض على الحقيقة ..

ويلاحظ أن المذاهب الثلاثة (المالكية والشافعية والحنابلة) يشترطون في القاضي أن يكون مجتهدًا ولا يجيزون تعيين المقلد في القضاء فحديثهم فيما ذكر مقصور على القاضي المجتهد ..

في تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار في فقه الحنفية - قضى القاضي في مُجْتَهدٍ فيه بخلاف رأيه لا ينفذ مطلقا ناسيا كان أو عامدًا عند الصاحبين أو الأئمة الثلاثة (مالك والشافعى وأحمد) وبه يفتى.

وفى شرح الرهبانية للشرنبلالى - قضى من ليس مجتهد الحنفية زماننا بخلاف مذهبه عامدا لا ينفذ اتفاقا وكذا ناسيا عند الصاحبين .. ولو قيده السلطان بصحيح مذهبه كزماننا تقيد به بلا خوف لكونه معزولا عن غيره ..

وجاء في حاشية رد المختار لابن عابدين على الشرح المذكور: وحاصل هذه المسألة أنه يشترط لصحة القضاء أن يكون موافقا لرأى القاضي أي مذهبه مجتهدا كان أو مقلدا .. فلو قضى بخلاف رأيه لا ينفذ ..

لكن جاء في البدائع أنه إذا كان مجتهدا وقضى بخلاف رأيه ينبغى أن يصح ويحمل على أنه اجتهد فأداه اجتهاده إلى رأى الغير الذي قضى به .. وهذا في القاضي المجتهد .. أما المقلد فلو ولاه ليحكم مذهب أبى حنيفة فلا يملك المخالفة