وقد روينا عن ابن عمر أنه قال: لا أدرى من هي الفئة الباغية .. ولو علمتها ما سبقتنى أنت ولا غيرك إلى قتالها ..
قال أبو حمد: وهذا الذي لا يظن بأولئك الصحابة رضى الله عنهم غيره .. وذهبت طوائف من أهل السنة وجميع المعتزلة وجميع الخوارج والزيدية إلى أن سل السيوف في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجب إذا لم يمكن دفع المنكر إلا بذلك ..
وقالوا: فإذا كان أهل الحق في عصابة يمكنهم الدفع ولا ييأسون من الظفر ففرض عليهم ذلك، وإن كانوا في عدد لا يرجون لقلتهم وضعفهم بظفر كانوا في سعة من ترك باليد ..
وهذا قول على بن أبى طالب رضى الله عنه وكل من كان معه من الصحابة .. وقول أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها وطلحة والزبير وكل ما كان معهم من الصحابة وقول معاوية بن أبى سفيان وعمرو بن العاص والنعمان بن بشير وغيرهم ممن كان معهم من الصحابة رضى الله عنهم أجمعين.
وهو قول عبد الله بن الزبير ومحمد والحسن بن على وبقية الصحابة من المهاجرين والأنصار القائمين يوم الحرَّة رضى الله عنهم أجمعين ..
وقول كل من أقام على الفاسق الحجاج بن يوسف الثقفى ومن ولاه من الصحابة رضى الله عنهم أجمعين كأنس بن مالك وكل من كان ممن ذكرنا من أفاضل كعبد الرحمن بن أبى ليلى وسعيد بن جبير وابن البحترى الطائى وعطاء السلمى الأزدى والحسن البصرى ومالك بن دينار ومسلم بن بشار وأبى الحوراء والشعبى وعبد الله بن غالب وعقبة بن عبد الغافر وعقبة بن صهبان وماهان والمطرف بن المغيرة بن شعبة وحنظلة بن عبد الله وطلق بن حبيب وعطاء بن السائب وإبراهيم بن يزيد التيمى وغيرهم ..
ثم من بعد هؤلاء من تابعى التابعين ومن بعدهم كعبد الله بن عبد العزيز بن عمر ومحمد بن عجلان ومن خرج مع محمد بن عبد الله بن الحسن وهاشم بن بشر ومطر الوراق ومن خرج مع إبراهيم بن عبد الله .. وهو الذي تدل عليه أقوال الفقهاء .. كأبى حنيفة والحسن بن حيى وشريك ومالك والشافعى وداود وأصحابهم .. فإن كل من ذكرنا من قديم وحديث إما ناطق بذلك في فتواه .. وإما فاعل لذلك بسل سيفه في إنكار ما رآه منكر ..
قال أبو محمد: احتجت الطائفة المذكورة أولا بأحاديث فيها - أنقاتلهم يا رسول الله؟ قال: لا .. ما صلوا - وفى بعضها .. إلا أن تروا كفرا بواحًا عندكم فيه من الله برهان .. وفى بعضها وجوب الصبر وإن ضرب ظهر أحدنا أو أخذ ماله!! وفى بعضها .. فإن خشيت أن يبهرك السيف فاطرح ثوبك على وجهك وقل: إن أريد أن تبوء بإثمى وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين - وفى بعضها - كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل - وبقوله تعالى:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ. قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.
قال أبو محمد: كل هذا لا حجة لهم فيه لما قد تقصيناه غاية التقصى خبرًا خبرًا بأسانيدها ومعانيها في كتابنا (الاتصال إلى فهم معرفة الخصال) ونذكر هنا جملا كافية:
أما أمره - صلى الله عليه وسلم - بالصبر على أخذ المال وضرب