ولا خلاف بين المسلمين في أن الجهاد واجب مع وجود ذلك كله .. ولا فرق بين الأمرين .. وكل ذلك جهاد ودعاء إلى القرآن والسنة ..
قال أبو محمد: ويقال لهم: ما تقولون في سلطان جعل اليهود أصحاب أمره والنصارى جنده وألزم المسلمين الجزية وحمل السيف على أطفال المسلمين وأباح المسلمات للزنا وحمل السيف على كل من وجد من المسلمين وملك نساءهم وأطفالهم وأعلن العبث بهم وهو مع ذلك كله مقر بالإسلام مؤمن به لا يدع الصلاة .. فإن قالوا: لا يجوز القيام عليه .. قيل لهم: إنه لا يدع مسلمًا إلا قتله .. جملة ( .. )
وهذا إن ترك أوجب ضرورة أن لا يبقى من المسلمين إلا هو وحده وأهل الكفر معه .. فإن أجازوا الصبر على هذا خالفوا الإِسلام وانسلخوا منه ..
وإن قالوا: بل يقام عليه ويقاتل وهو قولهم .. قلنا لهم: فإن قتل تسعة أعشار المسلمين أو جميعهم إلا واحدًا منهم وسبى من نسائهم كذلك وأخذ من أموالهم كذلك .. فإن منعوا من القيام عليه تناقضوا .. وإن أوجبوا القيام عليه سألناهم عن أقل من ذلك ولا نزال نحيطهم إلى أن نقف بهم على قتل مسلم واحد أو على امرأة واحدة أو على أخذ مال رجل واحد أو على انتهاك بشرة واحدة بظلم ..
فإن فرقوا بين شئ من ذلك تناقضوا وتحكموا بلا دليل وهذا ما لا يجوز فتسقط حجتهم ويغلبون .. وإن أوجبوا إنكار كل ذلك رجعوا إلى الحق ..
ونسألهم عمن نصب سلطانه الجائر الفاجر زوجته وابنته وابنه ليفسق بهم أو ليفسق به هو بنفسه .. أهو في سعة من أن يسلم نفسه وامرأته وابنته وابنه للفاحشة أم فرض عليه أن يدفع من أراد ذلك من السلاطين؟.
فإن قالوا عليه أن يسلم نفسه وأهله للفاحشة أتوا بعظيمة لا يقولها مسلم.
وإن قالوا بل فرض عليه أن يمتنع عن ذلك ويقاتل رجعوا إلى الحق ولزم ذلك كل مسلم وفى المال كذلك ..
قال أبو محمد: والواجب إن وقع شئ من الجور وإن قل أن يُكَلَّم الإمام في ذلك ويُمْنَع منه ..
فإن امتنع وراجع الحق وأذعن للقود من البشرة أو من الأعضاء .. ولإِقامة حد الزنا والقذف والخمر عليه إن وقع منه ما يوجب ذلك فلا سبيل إلى خلعه وهو إمام كما كان لا يحل خلعه ..
فإن امتنع من إنفاذ شئ من هذه الواجبات عليه وجب خلعه وإقامة غيره في منصب الخلافة ممن يقوم بالحق لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ولا يجوز تضييع شئ من واجبات الشرائع وأحكامها ..
وقد ألحق ابن حزم بموضوع الخروج على الإمام الفاسق المنحرف والآراء والأدلة فيه على الوجه الذي نقلناه عنه .. موضوع الصلاة خلف هذا الإِمام والجهاد والحج معه ودفع الزكاة إليه ونفاذ أحكامه من الأقضية والحدود وغير ذلك .. وهو نوع من المقاطعة وعدم التعاون مع هذا الإمام عند من يجيزه وإعلاء السخط عليه وعدم الرضى بإمامته ..
• قال أبو محمد: ذهبت طائفة إلى أنه لا تجوز الصلاة إلا خلف الفاضل وهو قول الخوارج والزيدية والروافض وجمهور المعتزلة وبعض أهل السنة.