للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحدة، ومعلوم أن جميع البدل لا يتأكد بتسليم بعض المعقود عليه، وما يتكرر من الوطاءات ملتحق بالاستخدام فلا يقابله شئ من المهر. ويدل لأبى حنيفة رضى الله تعالى عنه أن المهر مقابل بجميع ما يستوفى من منافع البضع في جميع الوطاءات التي توجد في هذا الملك لا بالمستوفى بالوطأة الأولى خاصة لأنه لا يجوز إخلاء شئ من منافع البضع عن بدل يقابله احتراما للبضع وإبانة لخطره، فكانت هي بالمنع ممتنعة عن تسليم ما يقابله بدل فكان لها ذلك بالوطء في المرة الأولى، فكان لها أن تمنعه عن الأول حتى تأخذ مهرها، فكذا عن الثاني والثالث إلا أن المهر يتأكد بالوطء مرة واحدة لأنه موجود معلوم وما وراءه معدوم مجهول فلا يزاحمه في الانقسام ثم عند الوجود يتعين قطعا فيصير مزاحما، فيأخذ قسطا من البدل كالعبد إذا جنى جناية يجب دفعه بها، فإن جنى جناية أخرى فالثانية تزاحم الأولى عند وجودها في وجوب الدفع بها، وكذا الثالثة والرابعة إلى ما لا يتناهى، بخلاف البائع إذا سلم المبيع قبل قبض الثمن أو بعد ما قبض شيئا منه، ثم أراد أن يسترد أنه ليس له ذلك لأنه سلم كل المبيع، فلا يملك الرجوع فيما سلم، وهاهنا ما سلمت كل المعقود عليه بل البعض دون البعض لأن المعقود عليه منافع البضع وما سلمت كل المنافع بل بعضها دون البعض فهى بالمنع تمتنع عن تسليم ما لم يحصل مسلما بعد، فكان لها ذلك كالبائع إذا سلم بعض المبيع قبل استيفاء الثمن كان له حق حبس الباقى ليستوفى الثمن، كذا هذا، وكان أبو القاسم الصفار رضى الله تعالى عنه يفتى في منعها بقول أبى يوسف ومحمد رضى الله تعالى عنهما، وفى السفر بقول أبى حنيفة رضى الله تعالى عنه، وبعد إيفاء المهر كان له أن ينقلها حيث شاء، وحكى الفقيه أبو جعفر الهندوانى عن محمد بن سلمة أنه كان يفتى أن بعد تسليم المهر ليس لزوجها أن يسافر بها، قال أبو يوسف ولو وجدت المرأة المهر زيوفا أو ستوتا فردت، أو كان المقبوض عرضا اشترته من الزوج بالمهر فاستحق بعد القبض وقد كان دخل بها فليس لها أن تمنع نفسها في جميع ذلك، وهذا على أصلهما مستقيم لأن من أصلهما أن التسليم من غير قبض المهر يبطل حق المنع، وهذا تسليم من غير قبض لأن ذلك القبض بالرد والاستحقاق انتقض والتحق بالعدم فصار كأنها لم تقبضه، وقبل القبض الجواب هكذا عندهما، وأما عند أبى حنيفة رضى الله تعالى عنه فينبغى أن يكون لها أن تمنع نفسها، ثم فرق أبو يوسف بين هذا وبين المنع أنه إذا استحق الثمن من يد البائع أو وجده زيوفا أو ستوتا فرده فله أن يسترد المبيع فيحبسه لأن البائع بعد الاسترداد يمكنه الحبس على الوجه الذي كان قبل ذلك، وأما هاهنا فلا يمكنه لأنه استوفى بعض البضع، فلا يكون هذا الحبس مثل الأول فلا يعود حقها في الحبس وجاء في الفتاوى الهندية: أنه لا يجوز للرجل أن يجمع بين ضرتين أو بين الضرائر في مسكن واحد إلا برضاهن للزوم الوحشة، ولو اجتمعت الضرائر في مسكن واحد بالرضا يكره أن يطأ إحداهما بحضرة الأخرى حتى لو طلب وطأها لم تلزمها الإجابة ولا تصير في الامتناع ناشزة ولا خلاف في هذه المسائل، وله أن يجبرها على الغسل من الجنابة والحيض والنفاس إلا أن تكون ذمية وله جبرها على التطييب والاستحداد - كذا في البحر - وله أن يمنعها من