للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه بتسع سنين فقال في رواية أبى الحارث رضى الله تعالى عنه في الصغيرة يطلبها زوجها: فإن أتى عليها تسع سنين دفعت إليه ليس لهم أن يحبسوها بعد التسع، وذهب في ذلك إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنى بعائشة رضى الله تعالى عنها وهى ابنة تسع، قال القاضي رضى الله تعالى عنه: وهذا ليس على طريق التحديد وإنما ذكره لأن الغالب أن ابنة تسع يتمكن من الاستمتاع بها، فمتى كانت لا تصلح للوطء لم يجب على أهلها تسليمها إليه وإن ذكر أنه يحضنها ويربيها وله من يخدمها لأنه لا يملك الاستمتاع بها وليست له بمحل ولا يؤمن شرة نفسه إلى مواقعتها فيفضيها أو يقتلها. وإن طلب أهلها دفعها إليه فامتنع فله ذلك، ولا تلزمه نفقتها لأنه لا يمكن من استيفاء حقه منها، وإن كانت كبيرة إلا أنها مريضة مرضا مرجو الزوال لم يلزمها تسليم نفسها قبل برئها لأنه مانع مرجو الزوال فهو كالصغر، ولأن العادة لم تجر بزف المريضة إلى زوجها والتسليم في العقد يجب على حسب العرف، فإن سلمت نفسها فتسلمها الزوج فعليه نفقتها لأن المرض عارض يعرض ويتكرر فيشق إسقاط النفقة به فجرى مجرى الحيض، ولهذا لو مرضت بعد تسليمها لم تسقط نفقتها، وإن امتنع من تسلمها فله ذلك ولا تلزمه نفقتها لأنه لما لم يجب تسليمها إليه لم يجب عليه تسلمها كالصغيرة، ولأن العادة لم تجر بتسليمها على هذه الصفة، وقال القاضي رضى الله تعالى عنه: يلزمه تسلمها، وإن امتنع فعليه نفقتها لما ذكرنا من أنه عارض لا يمكن التحرز منه ويتكرر، فأشبه الحيض، فأما إن كان المرض غير مرجو الزوال لزم تسليمها إلى الزوج إذا طلبها ولزمه تسلمها إذا عرضت عليه لأنها ليست لها حالة يرجى زوال ذلك فيها فلو لم تسلم نفسها لم يفد التزويج فائدة، وله أن يستمتع بها، فإن كانت نضوة الخلق وهو جسيم تخاف على نفسها الإِفضاء من عظم خلقه فلها منعه من جماعها وله الاستمتاع بها في ما دون الفرج وعليه نفقتها ولا يثبت له خيار الفسخ لأن هذه يمكن الاستمتاع بها لغيره وإنما امتناع الاستمتاع لمعنى فيه وهو عظم خلقه، بخلاف الرتقاء، وإن طلب تسليمها إليها وهى حائض احتمل أن لا يجب ذلك لأنه خلاف العادة فأشبه المرض المرجو الزوال واحتمل وجوب التسليم لأنه يزول قريبا ولا يمنع من الاستمتاع بما دون الفرج فإذا طلب ذلك لم يجز منعه منه كما لم يجز لها منعه منه بعد تسلمها، وإن عرضت عليه فأباها حتى تطهر فعلى قول القاضي رضى الله تعالى عنه يلزمه تسلمها ونفقتها إن امتنع منه. ويتزوج على الزوال (١). وإن طلب الزوج امرأته فسألت الأنظار أنظرت مدة جرت العادة إن تصلح أمرها فيها كاليومين والثلاثة لأن ذلك يسير جرت العادة بمثله، وقد قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: "لا تطرفوا النساء ليلا حتى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة" فمنع - صلى الله عليه وسلم - من الطروق وأمر بإمهاله لها لتصلح أمرها مع تقدم صحبته لها فهاهنا أولى. ثم أن كانت حرة وجب تسليمها ليلا ونهارا وله السفر بها لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسافر بنسائه إلا أن يكون سفرا مخوفا فلا يلزمها ذلك. وإن كانت أمة لم يلزمها تسليمها إلا بالليل لأنها مملوكة عد على إحدى منفعتها فلم يلزم تسليمها في غير وقتها. كما لو أجرها لخدمة النهار لم يلزمه تسليمها بالليل ويجوز للمولى بيعها لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لعائشة رضى


(١) المرجع السابق جـ ٨ ص ٧٨، ص ٧٩ نفس الطبعة.