للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى عنها في شراء بريرة وهى ذات زوج ولا ينفسخ النكاح بذلك بدليل أن بيع بريرة لم يبطل نكاحها (١). وللزوج إجبار زوجته على الغسل من الحيض والنفاس مسلمة كانت أو ذمية. حرة كانت أو مملوكة لأنه يمنع الاستمتاع الذي هو حق له، فملك إجبارها على إزالة ما يمنع حقه، وإن احتاجت إلى شراء الماء فثمنه عليه لأنه لحقه، وله إجبار المسلمة البالغة على الغسل من الجنابة لأن الصلاة واجبة عليها ولا تتمكن منها إلا بالغسل، فأما الذمية ففيها - روايتان إحداهما: له إجبارها عليه لأن كمال الاستمتاع يقف عليه فإن النفس تعاف من لا يغتسل من جنابة. والثانية ليس له إجبارها عليه - وهو قول مالك والنورى رضى الله تعالى عنهما - لأن الوطء لا يقف عليه فإنه مباح بدونه. وفى إزالة الوسخ والدرن وتقليم الأظفار وجهان بناء على الروايتين في غسل الجنابة، وتستوى في هذه المسلمة والذمية لاستوائهما في حصول النفرة ممن ذلك حالها، وله إجبارها على إزالة شعر العانة إذا خرج عن العادة رواية واحدة. ذكره القاضي، وكذلك الأظفار وإن طالا قليلا بحيث تعافه النفس ففيه وجهان. وهل له منعها من أكل ماله رائحة كريهة كالبصل والثوم والكراث؟ على وجهين أحدهما: له منعها من ذلك لأنه يمنع القبلة وكمال الاستمتاع. والثانى: ليس له منعها منه لأنه لا يمنع الوطء، وله منعها من السكر وإن كانت ذمية لأنه يمنع الاستمتاع فإنه يزيل عقلها ويجعلها كالزق المنفوخ ولا يأمن أن تجنى عليه وإن أرادت شرب ما لا يسكرها فله منع المسلمة لأنهما تعتقدا تحريمه، وإن كانت ذمية لم يكن له منعها منه. نص عليه أحمد رضى الله تعالى عنه لأنها تعتقد إباحته في دينها، وله إجبارها على غسل فمها منه ومن سائر النجاسات ليتمكن من الاستمتاع بفيها ويتخرج أن يملك منعها منه لما فيه من الرائحة الكريهة وهو كالثوم، وهكذا الحكم لو تزوج مسلمة تعتقد إباحة يسير النبيذ فهل له منعها منه؟ على وجهين، ومذهب الشافعي على نحو من هذا الفصل كله. وللزوج منعها من الخروج من منزله إلى مالها منه بد سواء أرادت زيارة والديها أو عيادتهما أو حضور جنازة أحدهما، قال أحمد رضى الله تعالى عنه في امرأة لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها، وقد روى ابن بطة في أحكام النساء عن أنس رضى الله تعالى عنه أن رجلا سافر ومنع زوجته الخروج فمرض أبو ها فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى عيادة أبيها فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اتقى الله ولا تخالفى زوجك" فمات أبوها فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حضور جنازته فقال لها: "اتق الله ولا تخالفى زوجك" فأوحى الله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنى قد غفرت لها بطاعة زوجها"، ولأن طاعة الزوج واجبة والعيادة غير واجبة فلا يجوز ترك الواجب لما ليس بواجب، ولا يجوز لها الخروج إلا بإذنه، ولكن لا ينبغى للزوج منعها من عيادة والديها وزيارتهما لأن في ذلك قطيعة لهما وحملا لزوجته على مخالفته، وقد أمر الله تعالى بالمعاشرة بالمعروف وليس هذا من المعاشرة بالمعروف، وإن كانت زوجته ذمية فله منعها من الخروج إلى الكنيسة لأن ذلك ليس بطاعة ولا نفع، وان كانت مسلمة فقال القاضى له منعها من الخروج إلى المساجد وهو


(١) المرجع السابق جـ ٨ ص ١٢٧ نفس الطبعة.