للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مذهب الشافعي رضى الله تعالى عنه، وظاهر الحديث يمنعه من منعها لقول النبى - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، وروى أن الزبير تزوج عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، وكانت تخرج إلى المساجد وكان غيورا فيقول لها لو صليت في بيتك فيقول: لا أزال أخرج أو تمنعنى فكره منعها لهذا الخبر، وقال أحمد رضى الله تعالى عنه في الرجل تكون له المرأة أو الأمة النصرانية يشترى لها زنارا؟ قال لا بل تخرج هي لتشترى لنفسها، فقيل له جاريته تعمل الزنانير؛ قال لا (١). وليس على المرأة خدمة زوجها من العجن والخبز والطبخ وأشباهه، نص عليه أحمد رضى الله تعالى عنه، وقال أبو بكر بن أبى شيبة وأبو إسحاق الجوزجانى: عليها ذلك واحتجا بقصة على وفاطمة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت وعلى على ما كان خارجا من البيت من عمل رواه الجوزجانى من طرق، قال الجوزجانى: وقد قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولو أن رجلا أمر امرأته أن تنقل من جبل أسود إلى جبل أحمر أو جبل أحمر إلى جبل أسود كان عليها أن تفعل" ورواه بإسناده. قال فهذا طاعته فيما لا منفعة فيه فكيف بمؤنة معاشه؟ وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر نساءه بخدمته فقال يا عائشة اسقينا، يا عائشة أطعمينا، يا عائشة هلمى الشفرة واشحذيها بحجر"، وقد روى أن فاطمة رضى الله تعالى عنها أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تشكو إليه ما تلقى من الرحى وسألته خادما يكفيها ذلك. ويدل لنا أن المعقود عليه من جهتها الاستمتاع فلا يلزمها غيره كسقى دوابه وحصاد زرعه، فأما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - بين على وفاطمة فعلى ما تليق به الأخلاق المرضية ومجرى العادة لا على سبيل الإِيجاب كما قد روى عن أسماء بنت أبى بكر رضى الله تعالى عنهما أنها كانت تقوم بفرس الزبير وتلتقط له النوى وتحمله على رأسها، ولم يكن ذلك واجبا عليها ولهذا لا يجب على الزوجة القيام بمصالع خارج البيت ولا الزيادة على ما يجب لها من النفقة والكسوة ولكن الأولى لها فعل ما جرت العادة بقيامها به لأنه العادة ولا تصلح الحال إلا به ولا تنتظم المعيشة بدونه (٢). ومتى ظهر من المرأة أمارات النشوز مثل أن تتثاقل وتدافع إذا دعاها ولا تصير إليه إلا بتكره ودمدمة فإنه يعظها فمخوفها الله سبحانه وتعالى ويذكر ما أوجب الله له عليها من الحق والطاعة وما يلحقها من الإثم بالمخالفة والمعصية وما يسقط بذلك من حقوقها من النفقة والكسوة وما يباح له من ضربها وهجرها لقول الله عز وجل "واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن" (٣)، فإن أظهرت النشوز وهى أن تعصيه وتمتنع من فراشه أو تخرج من منزله بغير إذنه فله أن يهجرها في المضجع لقول الله عز وجل: "واهجروهن في المضاجع"، قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما: لا تضاجعها في فراشك، فأما الهجران في الكلام فلا يجوز أكثر من ثلاثة أيام لما روى أبو هريرة رضى الله تعالى عنه أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام" وظاهر كلام الخرقى أنه ليس له ضربها


(١) المرجع السابق حـ ٨ ص ١٢٨ وما بعدها إلى ص ١٣٠ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق جـ ٨ ص ١٣٠، ص ١٣١ نفس الطبعة.
(٣) الآية رقم ٣٤ من سورة النساء.