للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجبت لتزجية الحال فإذا مضى زمنها استغنى عنها فأشبه ما لو أستغنى عنها بيساره، وهذه بخلاف ذلك، إذا ثبت هذا فإنه إن ترك الإِنفاق عليها مع يساره فعليه النفقة بكمالها، وإن تركها لإِعساره لم يلزمه إلا نفقة المعسر لأن الزائر سقط بإعساره (١). والمرأة تستحق النفقة علي زوجها بشرطين أحدهما: أن تكون كبيرة يمكن وطؤها، فان كانت صغيرة لا تحتمل الوطء فلا نفقة لها؛ لأن النفقة تجب بالتمكين من الاستمتاع ولا يتصور ذلك مع تعذر الاستمتاع، فلم تجب نفقتها، كما لو منعها أولياؤها من تسليم نفسها، وتفارق المريضة فإن الاستمتاع بها ممكن، وإنما نقص بالمرض، ولأن من لا تمكن الزوج من نفسها لا يلزم الزوج نفقتها، فهذه أولى لأن ذلك يمكن الزوج قهرها والاستمتاع بها كرها، وهذه لا يمكن ذلك فيها بحال. الشرط الثانى: أن تبذل التمكين التام من نفسها لزوجها فأما إن منعت نفسها أو منعها أولياؤها أو تساكتا بعد العقد فلم تبذل ولم يطلب فلا نفقة لها وإن أقاما زمانا. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج عائشة رضى الله تعالى عنها ودخلت عليه بعد سنتين ولم ينفق إلا بعد دخوله ولم يلتزم نفقتها لما مضى، ولأن النفقة تجب فى مقابلة، التمكين المستحق بعقد النكاح فإذا وجد استحقت وإذا ققد لم تستحق شيئا، ولو بذلت تسليما غير تام بأن تقول أسلم إليك نفسى في منزلى دون غيره أو في الموضع الفلانى دون غيره لم تستحق شيئا إلا أن تكون قد اشترط ذلك في العقد لأنها لم تبذل التسليم الواجب بالعقد فلم تستحق النفقة، كما ئو قال البائع أسلم إليك السلعة على أن تتركها في موضعها أو في مكان بعينه، وإن شرطت دارها أو بلدها فسلمت نفسها في ذلك استحقت النفقة لأنها سلمت التسليم الواجب عليها ولذلك لو سلم السيد أمته المزوجة ليلا دون النهار استحقت النفقة، وفارق الحرة فإنها لو بذلت تسليم نفسها في بعض الزمان لم تستحق شيئا لأنها لم تسلم التسليم الواجب بالعقد، وكذلك إن أمكنته من الاستمتاع ومنعته استمتاعا لم تستحق شيئا لذلك (٢). وإن غاب الزوج بعد تمكينها ووجوب نفقتها عليه لم تسقط عنه، بل تجب عليه في زمن غيبته لأنها استحقت النفقة بالتمكين ولم يوجد منها ما يسقطها، وأن غاب قبل تمكينها فلا نفقة لها عليه لأنه لم يوجد الموجب لها، فإن بذلت التسليم وهو غائب لم تستحق نفقته لأنها بذلته في حال لا يمكنه التسليم فيه، لكن إن مضت إلى الحاكم فبذلت التسليم كتب الحاكم إلى حاكم البلد الذي هو فيه ليستدعيه ويعلمه ذلك، فإن سار إليها أو وكل من يسلمها إليه فوصل وسلمها هو أو نائبه وجبت النفقة حينئذ، وإن لم يفعل فرض الحاكم عليه نفقتها من الوقت الذي كان يمكن الوصول إليها ويسلمها فيه، لأن الزوج امتنع من تسلمها مع إمكان ذلك وبذلها إياه له فلزمته نفقتها كما لو كان حاضرا، وإن كانت الزوجة صغيرة يمكن وطؤها أو مجنونة فسلمت نفسها إليه فتسلمها لزمته نفقتها كالكبيرة، وإن لم يتسلمها لمنع نفسها أو منع أوليائها فلا نفقة لها عليه، وإن غاب الزوج فبذل وليها تسلميها فهو كما لو بذلت المكلفة التسليم فإن وليها يقوم مقامها، وإن بذلت هي دون وليها لم يفرض الحاكم النفقة لها


(١) المرجع السابق جـ ٧ ص ٥٧٨ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق جـ ٧ ص ٦٠١، ص ٦٠٢ نفس الطبعة.