للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنه لا حكم لكلامها (١). وإذا كانت المرأة كبيرة يمكن الاستمتاع بها فمكنت من نفسها أو بذلت تسليمها ولم تمنع نفسها ولا منعها أولياؤها فعلى زوجها الصبى نفقتها - وبهذا قال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن والشافعى في أحد قوليه، وقال في الآخر: لا نفقة لها لأن الزوج لا يتمكن من الاستمتاع بها فلم تلزمه نفقتها كما لو كانت غائبة أو صغيرة - ويدل لنا أنها سلمت نفسها تسليما صحيحا فوجب لها النفقة كما لو كان الزوج كبيرا. ولأن الاستمتاع بها ممكن وإنما تعذر من جهة الزوج كما لو تعذر التسليم لمرضه أو غيبته، وفارق ما إذا غابت أو كانت صغيرة فإنها لم تسلم نفسها تسليما صحيحا ولم تبذل ذلك فعلى هذا يجبر الولى على نفقتها من مال الصبى لأن النفقة على الصبى، وإنما الولى ينوب عنه في أداء الواجبات عليه كما يؤدى أروش جناياته وقيم متلفاته وزكواته، وإن لم يكن له مال فاختارت فراقه فرق الحاكم بينهما كما ذكرنا في حق الكبيرة فإن كان له مال وامتنع الولى من الإنفاق أجبره الحاكم بالحبس، فإن لم ينفق أخذ الحاكم من مال الصبى وأنفق عليها فإن لم يمكنه وصبر الولى على الحبس وتعذر الإنفاق فرق الحاكم بينهما إذا طلبت ذلك على ما ذكرنا ذلك في حى الكبير، وذكر القاضي في الكبير أنه لا يفرق بينهما فكذلك هاهنا مثله لأنها سواء في وجوب الإنفاق عليها فكذلك في أحكامه (٢)، وإن بذلت الرتقاء أو الحائض أو النفساء أو النضرة الخلق التى لا يمكن وطؤها أو المريضة تسليم نفسها لزمته نفقتها وإن حدث بها شئ من ذلك لم تسقط نفقتها لأن الاستمتاع ممكن ولا تفريط من جهتها، وإن منع من الوطء، ويفارق الصغيرة فإن لها حالا يتمكن من الاستمتاع بها فيها استمتاعا تاما، والظاهر أنه تزوجها انتظارا لتلك الحال، بخلاف هؤلاء، ولذلك لو طلب تسليم هؤلاء وجب تسليمهن، ولو طلب تسليم الصغيرة لم يجب فإن قيل فلو بذلت الصحيحة الاستمتاع بما دون الوطء لم تجب لها النفقة فكذلك هؤلاء. قلنا: لأن تلك منعت مما يجب عليها وهؤلاء لا يجب عليهن التمكين. ما فيه ضرر، فإن ادعت أن عليها ضررا في وطئه لضيق فرجها أو قروح به أو نحو ذلك وأنكره أريت امرأة ثقة وعمل بقولها (٣). ثانيا: حكم الامتناع من نفقة الأقارب: جاء في المغنى أن الرجل يجبر على نفقة والديه وإن علوا وولده الذكور والإناث وإن سفلوا إذا كانوا فقراء وكان له ما ينفق عليهم، والأصل في ذلك الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالى: "فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن" (٤) فقد أوجب أجر رضاع الولد على أبيه، وقال سبحانه وتعالى: "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" (٥)، وقال عز وجل "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" (٦) ومن الإحسان الإِنفاق عليهما عند حاجتهما. ومن السنة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند: "خذى ما يكفيك وولدتك بالمعروف" (٧). وروت عائشة أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أطيب ما أكل الرجل من


(١) المرجع السابق جـ ٧ ص ٦٠٢ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق جـ ٧ ص ٦٠٣ نفس الطبعة.
(٣) المرجع السابق جـ ٧ ص ٦٠٣، ٦٠٤ نفس الطبعة.
(٤) الآية رقم ٢٨٠ من سورة البقرة.
(٥) الآية رقم ٢٣٣ من سورة البقرة.
(٦) الآية رقم ٢٣ من سورة الإسراء.
(٧) متفق عليه.