للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنفعة فيها أو لا يمكن فعن أحمد رضى الله تعالى عنه روايتان:

إحداهما: عليه أجر المثل لمدة بقائها في يده - وهو قول الشافعي - لأن المنافع تلفت تحت يده بعوض لم يسلم له فرجع إلى قيمتها كما لو استوفاها.

والثانية: لا شئ له وهو قول أبى حنيفة لأنَّهُ عقد فاسد على منافع لم يستوفها فلم يلزمه عوضها كالنكاح الفاسد، وإن استوفى المنفعة في العقد الفاسد فعليه أجر المثل، وبه قال مالك والشافعى، وقال أبو حنيفة يجب أقل الأمرين من المسمى أو أجر المثل بناء منه على أن المنافع لا تضمن إلا بالعقد، ويدل لنا أن ما ضمن بالمسمى في العقد الصحيح وجب ضمانه بجميع القيمة في الفاسد كالأعيان وما ذكره لا نسلمه (١).

وإذا استأجر عقارا مدة فسكنه بعض المدة ثم أخرجه المالك ومنعه تمام السكنى فلا شئ له من الأجرة، وقال أكثر الفقهاء له أجر ما سكن لأنَّهُ استوفى ملك غيره على سبيل المعاوضة فلزمه عوضه كالمبيع إذا استوفى بعضه ومنعه المالك بقيته كما لو تعذر استيفاء الباقى لأمر غالب ويدل لنا أنه لم يسلم إليه ما عقد الإِجارة عليه فلم يستحق شيئًا كما لو استأجره ليحمل كتابا فحمله بعض الطريق أو استأجره ليحفر له عشرين ذراعا فحفر له عشرة وامتنع من حفر الباقى، وقياس الإِجارة على الإِجارة أولى من قياسها على البيع، ويفارق ما إذا امتنع لأمر غالب لأن له عذرا والحكم فيمن اكترى دابة فامتنع المكرى من تسليمها في بعض المدة أو آجر نفسه أو عبده للخدمة مدة وامتنع من إتمامها أو أجر نفسه لبناء حائط أو خياطة أو حفر بئر أو حمل شئ إلى مكان وامتنع من إتمام العمل كالحكم في العقار يمتنع من تسليمه وأنه لا يستحق شيئًا لما ذكرنا (٢). وإذا هرب الأجير أو شردت الدابة أو أخذ المؤجر العين وهرب بها أو منعه استيفاء المنفعة منها من غير هرب لم تنفسخ الإِجارة لكن يثبت للمستأجر خيار الفسخ فإن فسخ فلا كلام وإن لم يفسخ انفسخت الإِجارة بمضى المدة يوما فيوما، فإن عادت العين في أثناء المدة استوفى ما بقى منها، فإن انقضت المدة انفسخت الإِجارة لفوات المعقود عليه وإن كانت الإِجارة على موصوف في الذمة كخياطة ثوب أوْ بناء حائط أو حمل إلى موضع معين استؤجر من ماله من يعمله كما لو أسلم إليه في شئ فهرب ابتيع من ماله فإن لم يمكن ثبت للمستأجر الفسخ فإن فسخ فلا كلام وإن لم يفسخ وصبر إلى أن يقدر علمه فله مطالبته بالعمل لأن ما في الذمة لا يفوت بهربه، وكل موضع امتنع الأجير من العمل فيه أو منع المؤجر المستأجر من الانتفاع إذا كان بعد عمل البعض فلا أجر له فيه على ما سبق إلا أن يرد العين قبل انقضاء المدة أو يتم العمل إن لم يكن على مدة قبل فسخ المستأجر فيكون له أجر ما عمل فأما إن شردت الدابة أو تعذر استيفاء المنفعة بغير فعل المؤجر فله من الأجر بقدر ما استوفى بكل حال (٣). وإذا اكترى عينا فوجد بها عيبا لم يكن علم به فله فسخ العقد بغير خلاف نعلمه، قال ابن المنذر


(١) المرجع السابق ج ٥ ص ١٦ وما بعدها إلى ص ١٨ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق ج ٦ ص ٢٤ نفس الطبعة.
(٣) المرجع السابق ج ٦ ص ٢٤، ٢٥ الطبعة السابقة.