للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحداجة للجمل والقتب والزمام الذي يقاد به البعير والبرة التي في أنف البعير إن كانت العادة جارية بينهم بها، وإن كان فرسا فاللجام والسرج، وإن كان بغلا أو حمارا فالبرذعة والإِكاف لأن هذا هو العرف فحمل الإِطلاق عليه، وعلى المكترى مايزيد على ذلك كالمحمل والمحارة والحبل الذي يشد به بين المحملين أو المحارتين لأن ذلك من مصلحة المحمل والوطاء الذي يشد فوق الحداجة تحت الجمل، وعلى المكرى رفع المحمل على الجمل ورفع الأحمال وشدها وحطها لأن هذا هو العرف وبه يتمكن من الركوب ويلزمه القائد والسائق، هذا إذا كان الكراء على أن يذهب مع المكترى وإن كان على أن يتسلم الراكب البهيمة يركبها لنفسه فكل ذلك عليه لأن الذي على المكرى تسليم البهيمة وقد سلمها، فأما الدليل فهو على المكترى لأن ذلك خارج عن البهيمة المكتراة وآلتها فلم يلزمه كالزاد، وقيل إن كان اكترى منه بهيمة بعينها فأجرة الدليل على المكترى لأن الذي عليه أن يسلم الظهر وقد سلمه، وإن كانت على حمله إلى مكان معين في الذمة فهو على المكرى لأنَّهُ من مؤنة إيصاله إليه وتحصيله فيه. وإذا كان الراكب ممن لا يقدر على الركوب والبعير قائم كالمرأة والشيخ والضعيف والسمين وشبههم فعلى الجمال أن يبرك الجمل لركوبه ونزوله لأنه لا يتمكن من الركوب والنزول إلا به وإن كان ممن يمكنه الركوب والنزول والبعير قائم لم يلزم الجمال أن يبرك له الجمل لأنه يمكنه استيفاء المعقود عليه بدون هذه الكلفة، وإن كان قويا حال العقد فضعف في أثنائه أو ضعيفا فقوى فالاعتبار بحال الركوبة لأن العقد اقتضى ركوبه بحسب العادة، ويلزم الجمال أن يقف البعير لينزل لصلاة الفريضة وقضاء حاجة الإِنسان وطهارته ويدع البعير واقفا حتَّى يفعل ذلك لأنَّهُ لا يمكنه فعل شئ من هذا على ظهر البعير، وما أمكنه فعله عليه من أكل والشرب وصلاة النافلة من السنن وغيرها لم يلزمه أن يبركه له ولا يقف عليه من أجله، وإن أراد المكترى إتمام الصلاة وطالبه الجمال بقصرها لم يلزمه ذلك بل تكون خفيفة في تمام، ومن اكترى بعمر الإِنسان يركبه لنفسه وسلمه إليه لم يلزمه سوى ذلك لأنَّهُ وفى له بما عقد عليه فلم يلزمه شئ سواه (١). وإذا اكترى ظهرا في طريق العادة فيه النزول والمشى عند اقتراب المنزل والمكترى امرأة أو ضعيف لم يلزمه النزول لأنَّهُ اكتراه جميع الطريق ولم تجر له عادة بالمشى فلزمه حمله في جميع الطريق كالمتاع، وإن كان جلدا قويا ففيه وجهان:

أحدهما: لا يلزمه النزول أيضا لأنَّهُ عقد على جميع الطريق فلا يلزمه تركه في بعضها كالضعيف.

والثاني: يلزمه لأنَّه متعارف والمتعارف كالمشروط (٢).

وإن هرب الجمال في بعض الطريق أو قبل الدخول فيها لم يخل من حالين:

أحدهما: أن يهرب بجماله فينظر فإن لم يجد المستأجر حاكما أو وجد حاكما لم يمكن إثبات الحال عنده أو أمكن الإِثبات عنده ولا يحصل له ما يكترى به ما يستوفى حقه منه فللمستأجر فسخ الإِجارة لأنه تعذر عليه قبض المعقود عليه فأشبه ما لو أفلس المشترى أو انقطع المسلم فيه عند محله، فإن فسخ العقد وكان الجمال قد قبض


(١) المرجع السابق جـ ٦ ص ٦٥، ص ٩٦ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق جـ ٦ ص ٩٦ نفس الطبعة.