فدنت منا بنت عمه ووضعت كفيها على كتفينا وقالت لي (ألا تدعني أسوق؟. . . ربما. . . استطعت. . .).
قلت: (حباً وكرامة، ولكن كيف يمكن؟ إنك. . .).
قالت: (لست جاهلة جداً. . . وسأحتاج إلى إرشادك. . . والطريق خال).
فقال: (نعم خال. . . جداً، إلا من البقر والجمال. . .).
وركبنا جميعاً، وقلت لها: (الآن ضعي ناقل السرعة في. . . برافو. . . أنقليه برفق. . . برافو جداً. . . أظن أنه يحسن التأني حتى تبعد عنا هذه السيارة).
فقالت: وهي تحول ناقل السرعة إلى المكان الثالث: (كلا أظن أن الأوفق أن نمر به).
ومرقت كالسهم بجانبه، فالتفت إليها متعجباً، فما كنا نعرف أن لها دراية بالسيارات أو خبرة بقيادتها، ونظرت إلى العداد فإذا هو يشير إلى الخمسين. . . فالستين، فرفعت عيني إليها، فألقيت على ثغرها ابتسامة فاتنة، وقالت وهي تخطف بالسيارة:
(أظن أن الأمل في الرهان لم يذهب. . . على كل حال (عبده) لا يزال وراءنا).
فقالت أختي: (وراءنا؟ من قال هذا؟ لقد مرق وأنتم واقفون. . . رأيته بعيني).
فعدنا إلى اليأس بعد أن كاد ينتعش الأمل، ولكن الفتاة قالت:
(هذا أحسن. . . خيراً صنع. . . وأنا الآن مطمئنة).
قلت: (ولكن كيف؟ أليس قد سبقنا؟).
قالت: (سترى. . . معنا الله).
وشارفنا طنطا، ولمحنا سيارة (عبده)، فتباطأت، وأبت أن تسبقه كما أشرت عليها؛ فلما صرنا في قلب المدينة، إغتنمْتُ فرصة الزحام، وتركْته يمضي في طريق، وضربت هي في طريق غيره، وأطلقت للسيارة العنان.
وقالت بعد أن خرجت إلى السكة الزراعية: (إنه يعتقد الآن أننا وراءه، واعتقاده هذا ربح لنا، وبقي أن يغلط ويأخذ طريق دمنهور).
فسألتها: (ولكن من أدراك أنه لم يسبقنا؟).
قالت: (كلا. . . إن طريقي أخصر جداً. . . كن واثقاً).
ومضينا على سكة دسوق، وكنا لا ننفك نلتفت وراءنا لعلنا نرى سيارة (عبده)، فلما طال