٠٠٠ جندي، وفي المعركة التي نشبت في جرة إنكسر الجيش المصري بعد أن خسر ١٣ , ٠٠٠ رجل، فوقع الأمير حسين باشا في الأسر مع هيئة أركانه، ولم يخل الأحباش سبيلهم إلا مقابل فدية من المال.
والغريب في هذه الحركات أن الأجانب كانوا يتولون قيادة الجيش كأن المصريين من أهل البلاد لا يستطيعون القيادة، بينما التاريخ يشهد لهم ببراعتهم في ذلك، فالجيش الأول كان قائده موزنجر باشا، وكان يقود الجيش الثاني ضابط دنمركي الأصل، أما رئيس أركان الجيش الثالث وأركانه فكانوا أميركيين.
وفي الوقت ذاته كان المسلمون في السودان بقيادة المهدي يهاجمون الحبشة من الشمال، فدخلوا جوندار وأحرقوها، وكان من أمر ذلك أن أرغم يوحانس المسلمين القانطين في الحبشة على الخروج منها، وأدى ذلك إلى هجرة كثير من المسلمين من الحبشة بعد أن كانوا متنعمين فيها، فتشتتوا هنا وهناك؛ أما الذين بقوا فيها فاضطهدهم الأحباش حتى اضطر بعضهم إلى التنصر، ولو لم ينزل الطليان إلى الساحة الإستعمارية في بلاد الحبشة لظل المسلمون مضطهدين، إلا أن محاولة الطليان التوغل في بلاد الحبشة اضطرت ملوك الحبشة إلى التساهل مع المسلمين تمهيداً لتوحيد المساعي إزاء هذا العدو الجديد.
وبعد أن احتل البريطانيون أرض مصر لم يتدخلوا في الحروب التي وقعت بين السودانيين والأحباش. ولكي ينتقم يوحانس لوقعة جوندار جهز جيشاً كبيراً وتقدم على رأسه نحو قوات المهدي، وفي المعركة التي وقعت في متمة ١٣ آذار أواخر (مارس) سنة ١٨٨٩ وقع جريحاً ومات فانكسر جيشه.
والحقيقة أن قيام المهدي وبسط نفوذه على السودان وانتصاره على الأحباش جعل البريطانيين يفكرون في العاقبة، لأن القوات البريطانية والمصرية وحدها لم تكن كافية للتغلب عليه.
ولعل نزول الطليان إلى الساحة كان بتشويق من البريطانيين للتغلب على المهدي من جهة ولمشاغلة الحبشة بقوات جديدة من جهة أخرى لكيلا تسيطر دولة قوية على مياه النيل فتهدد مصالح البريطانيين المتوقعة في السودان.