وقد ذكر شكسبير هذا النوع من المغيّبات في سبعة مواضع، وفي كل واحدة منها اتخذها عنواناً للفضيلة ومعنى من معاني الخير والصلاح إلا في روايته العاصفة عندما يصف فردناند هذا النوع من المغيّبات قائلاً:(إن شيطاني الحارس لن يكون قادراً على إيداع شرفي في الرغام، ولن يكون في استطاعته قط أن يغير معالم السرور التي تحيط بي الآن).
من هذه الفقرة يظهر لنا أن للإنسان ملاكاً وشيطاناً حارسين. يؤكد هذه النظرية خطاب فلستاف إلى بونيز قائلاً:(إن لهذا الغلام ملاكاً حارساً بعثه، ولكن له في نفس الوقت شيطاناً يعمي بصائره ويقوده إلى ما فيه شره ومضرته).
ولا يظهر هذا الملاك الحارس للملأ إلا بعد وفاة صاحبه، فيظهر في كل شبح من الأشباح يرتدي نفس الملابس التي كان صاحبها يرتديها قبل وفاته. ولننظر إلى حالة الذهول التي تستولي على الناس عند نهاية الرواية (مهزلة الغلطات فيرون رجلين متشابهين لا يمكن تمييز أحدهما من الآخر. اسمعهم يتهامسون (إن أحد هذين الرجلين ملاك للآخر أو صورة مطابقة له).
وهذا الملاك يلازم صاحبه تمام الملازمة في غدواته وروحاته وفي نومه ويقظته، وهنالك لا يحدث نزاع بين رجلين إلا ويصحبه نزاع آخر بين ملاكيهما الحارسين. ولنستمع إلى مكبث يقول عن بانكو:(إنه الشخص الوحيد الذي أخافه وأرهبه. إن ملاكي الحارس لا يستطيع القيام بأي أمر من الأمور مخافة غضبه وسخطه، كما كان ملاك أنطونيوس خاضعاً تمام الخضوع لملاك بروتس).
مما تقدم يتجلى لنا أن شكسبير عني بالملاك الحارس شيئاً غير الروح وغير الشبح. فما الملاك إلا باعث من بواعث الخير وداعٍ من دعاة الفضيلة بقي صاحبه ويحفظه من كل ما يهاجمه ويناوئه.