للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مما ترى من صفات زوجتك: خذ الجمال من تلك وضعه إلى جوار الشرف من هذه: وانظر في نصيبك من الاثنين:

ألست ترى جمال الجميلة ملكا لها تجود منه بما تشاء ومتى تشاء ولمن تشاء؟ وشرف الشريفة لك ولزوجتك تنعمان بفضله ما بقى، وتستظلان بفيئه ما كان؛ لا يستأثر به واحد منكما وحده، ولا يبخل بخيره أحدكما على الآخر؟ إلا تجد الجمال متاعا تستهلكه أنوثة المرأة، والشرف متاعا تستبقيه رجولة الرجل؟

ثم خذ الذكاء من الحبيبة إليك وضعه إلى جوار الحياء من البغيضة إليك وانظر إلى حظك من الاثنين:

إلا تجد الذكاء سلاحا في يد الأولى تحارب به كل الناس وزوجها: والحياء سلاحا في يد الثانية تحارب به كل الناس إلا زوجها؟

خذ الفتنة من تلك والوفاء من هذه إلا ترى الفتانة تنادي بفتنتها: هلموا إلي أيها الناس، وترى الوفية تنادي بوفائها: هلم ألي أيها الزوج؟

وبعد، فهاتان اثنتان إحداهما وقفت بالباب، والأخرى أغلقت الباب

آما التي وقفت بالباب فأنها تستقبل الدنيا وتستدبر الدار، وأما التي أغلقت على نفسها الباب فأنها تستقبل الدار وتستدبر الدنيا. والدنيا للناس جميعاً، والدار لك وحدك.

فانظر أيتهما الصالحة لك، الجديرة بحبك، الأمينة على بيتك، الحفيظة على شرفك.

سترى في زوجتك عيوباً ونقصاً، وستتجسم هذه العيوب، لأنك تنظر إليها بغير عين الرضا؛ وخير لك ألا تفكر في هذه العيوب حين تبدو لك إلا بمقدار ما تحاول إصلاحها، وأن تروض نفسك على اليقين بأن المرأة الكاملة لم تخلق بعد، ولن تخلق بعد، فلو خلقت الزوجة الكاملة خلُقاً وخلْقاً لتعطل في الرجل كثير من صفات الرجولة، ولما شعر الرجل بما مازه الله به على المرأة، ولخرجت المرأة من أنوثتها، ولتزحزح الرجل عن رجولته؛ ولما كان الرجال قوامين على النساء.

ولا أجد في الرد على ما تدعيه لنفسك من الحرية أبلغ مما أجابك به عمك حين قال: (إن كنت حرا كما تزعم فهل تستطيع أن تختار غير التي أحببتها)، وحين يسائلك: (إلا تكون حرا إلا فينا نحن وفي هدم أسرتنا؟).

<<  <  ج:
ص:  >  >>