وإني أعيذ نفسي برحمة الله من آثام القلب، فضلا عن تأثم القلوب
سيدي الأستاذ:
هي شهادة لا أبتغي منك عليها جزاء ولا شكوراً
لقد كنت يا أستاذ الزيات بليغاً دائماً، بليغاً علم الله فوق ما نسمع ونقرا من بلاغات سحبان وأكثم بن صيفي وعبد الحميد وإخوانهم من كرام البلغاء الأقدمين.
أما في مقالك الأخير في عدد (الرسالة) الأخير، لمعنون (في الجمال)(على هامش الموضوع) فلقد كنت أبلغ من نفسك بكثير.
أتدرى لماذا يا سيدي الزيات؟
لان موقف اليوم، الذي أرسل قلمك، بعد إرساله شجنك، بمقال اليوم، موقف من ابلغ مواقف التاريخ. لشد ما قال لنا التاريخ والزمن في أنفسنا قولا بليغاً.
وليس للمواقف البليغة في الأمم والشعوب إلا قلوب البلغاء، بل إلا القلوب البليغة، ودعني لا أقول هنا: السنة البلغاء، فطالما والله أودت السنة البلغاء بحقوق وكرامات وأوطان!
ولعل هذا ما يثبت في قلبك البليغ، فوق تثبيته في قلمك البليغ، أنك حقاً قبل أن تحمل في وطنك أو في وطن العربية قلما، فانك تؤدي فيها (رسالة).
رسالة لا تكذب الناس، وهي تتسمى إلى الناس باسم (الرسالة)، وكثيرا ما تسمت الأشياء على هذه الأرض بغير أسمائها، وهي الأرض التي قام عليها يوما مسيلمة يقول: أنا نبي! وقام من قبله فرعون من فراعنة مصر يقول:
أنا ربكم الأعلى!
هذه شهادتي إليك. كما ويسرني كما يشرفني، بل استحلفك بالله أن تجعلها شهادتي إلى الناس، لأنها أيضاً شهادتي إلى الله، ألقى بها الله فيما ألقي به وجهه (الذي أشرقت له