عقائدها، ثم دافع عن مرافقها دفاع المؤمن النزيه، فلم يسف إلى دنيء المطامع، ولم يغتر بمظاهر الجاه، ولم يطمح إلى عزة السلطة، وإنما ظل جنديا يقود، ومحاميا يذود، وخطيبا يرأب بلسانه صدوع الفرقة، حتى أضناه الجهاد المستمر، وأقعده المرض المخامر، فكان زعيما بالفكرة، قائدا بالمبدأ، مرشدا بالقدوة. ثم قبضة الله إليه فأحدث ذلك الفراغ المخيف، وهز أمته تلك الهزة العنيفة، لأن الزعماء الذين يصوغهم الله على هذا الطراز يكونون في النهضات الاجتماعية من أممهم مكان السماط من حبات العقد، ينظمون وحدتها، ويجمعون كلمتها، ويمسكون نظامها، ويعقدون أمانيها؛ فإذا قطعت المنون ذلك الخيط ذهب العقد بداد ما لم يكن له من الله ناظم وعاصم - سقى الله بصيب الرحمة ثراه، وعزى فيه الأمة العربية خير العزاء
الاحتفال بالجاحظ
في السنة القادمة (١٣٥٥هـ) يتم أحد عشر قرنا لوفاة أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ البصري المتوفى سنة ٢٥٥هـ؛ ويا حبذا لو تقدم علماء العراق وأدباؤه إلى الاحتفال بذكراه في مدينة البصرة، واشتركت الأقطار العربية كلها بتعديد مناقب أعظم رجل جمع بين علوم الدين والدنيا في الإسلام.
محمد كرد علي
جوائز نوبل
ذكرنا في العدد الماضي أن جائزة نوبل للطب والفسلجة قد منحت عن هذا العام إلى العلامة الألماني الدكتور هنز شبيمان من أساتذة كلية فريبورج. ونضيف اليوم أن جائزة نوبل للكيمياء قد منحت للأستاذ جوليو الفرنسي من أساتذة جامعة باريس ولزوجته السيدة كوري جوليو، وهي ابنة مدام كوري الكيميائية البارعة التي اشتهرت بمباحثها واكتشافاتها في الراديوم وخواصه. ومنحت جائزة نوبل للطبيعيات للأستاذ جيمس سادويك الإنكليزي ومن أساتذة جامعة كمبردج اعترافاً بفضله في اكتشاف (النوترون). وقيمة كل جائزة من هذه الجوائز الشهيرة كما أسلفنا سبعمائة ألف فرنك (نحو تسعة آلاف جنيه).
وأما جائزة نوبل عن الآداب فلم يتقرر منحها هذا العام، وتقرر أن يعاد النظر في أمر