قال أ. ش. فإذا قيل لك مثلاً مثلاً. أي على التمثيل: مغفَّل. . .
فحك رأسه قليلاً وقال: لا، هذه ليست من قدري. . .
قلت: فبعض الكلمات إذا قطعت عندك غيرت الحقائق، كذلك القرن الذي قُطع فَرَد البقرة فرساً؟
قال وكيف كان ذلك؟ قلت: زعموا أن أعرابياً خرج أخوته يشترون خيلاً، فخرج معهم فجاء بعجل يقوده. فقيل له ما هذا؟ قال فرس اشتريته. قالوا: يا مائق هذه بقرة أما ترى قرنيها؟
فرجع إلى منزله فقطع قرنيها ثم قادها إليهم وقال لهم: قد أعدتها فرساً كما تريدون. . .
قال (النابغة) هذا غير بعيد، فقد رأيتُنا حين ذبحنا العَنز وكسرنا قرنيها أعدناها كلبة سوداء، فتقذَّرتها وعفتُ لحمها ولم أطعم منها.
ثم أومأ إلى الآخر وقال: هذا لا يدري ما طَحاها، وهو مثل العنز تحسب قرنيها للقتال والنِّطاح ومنهما تمسك للذبح. فقل في هذا يا أستاذ (نابغة القرن العشرين).
قلت للآخر: أيرضيك أن أقول في المعنى لا فيك أنت. . .؟ قال نعم، فكتبت هذه الأبيات على ما يريد النابغة:
قل لعَنز ناطِحَاها ... لقتالٍ سلَّحَاها
مالها قد طَرَحاهَا ... في يَدَين ذَبَحَاها
شِيمةٌ مني نحَاهَا ... عقلُ غر فلحَاهَا
ليس يدري ما طحاها ... بل يرى شمسَ ضُحَاها
حَجَرا مثلَ رَحَاهَا ... ويرى الليل مَحَاها
ظُلماً طالت لِحَاها
وسر (النابغة) وازدهى وجعل يقول طالت لحاها، طالت لحاها؛ وما كان هذا إلا السرور الأصغر؛ أما سروره الأكبر فمجيء ساعي (البريد المستعجل) إلى النديّ وفي يده رسالة عنوانها: نابغة القرن العشرين فلان بنديّ كذا.
وجعل الرجل يهتف بالعنوان يسأل عن صاحبه؛ فتطاولت أعناق الناس ورفعوا أبصارهم ينظرون إلى (نابغة القرن العشرين) وقد مدَّ يده يتناول الرسالة وكأنه ملك من القدماء أسقط