بنو منقذ أصحاب قلعة شيزر من عمل حماة في الشام كانوا معروفين على عهد الحروب الصليبية بالفروسية والسياسة والأدب والأمارة، وقد خلد أسامة بن منقذ (٤٨٨ - ٥٨٤ هـ) أحد رجال هذا البيت بأدبه ذكر آله في التاريخ. ولما طبع له العلامة درنبرغ كتاب (الاعتبار) في سنة ١٨٨٤م بمدينة ليدن في هولاندة اشتهر أسامة بين الأدباء في الشرق والغرب، لما حوى كتابه من أخبار البطولة والشجاعة، ولأنه صُنّف على غير مثال. وقد طبع له درنبرغ أيضاً كتاب العصا وغيره في باريز، وعُني بجمع أخباره بالفرنسية وخدمه وأولع به.
والآن طبع الأديب لويس سركيس في القاهرة كتاب (لباب الآداب) لأسامة أيضاً، وتولى تحقيقه والتعليق عليه الأستاذ أحمد محمد شاكر، وحلاّه بفهارس الأعلام وأيام العرب والأماكن والقوافي، وشكله تقريباً بالشكل الكامل، فقرّب فوائده من يد المستفيد، وأضاف إلى ما طبع من كتب الأدب القديم سفراً آخر قال في وصفه إنه من أجود كتب الأدب، وإن فيه أقوالاً من نثر ونظم لم يجدها في كتاب غيره من الكتب المطبوعة.
قسم المؤلف كتابه إلى عدة أبواب فيها عظة وتعليم وأهداه لابنه الأمير مرْهِف، وجعل أبوابه في الوصايا والسياسة والكرم والشجاعة والآداب وكتمان السر والأمانة والتواضع وحسن الجوار والصمت وحفظ اللسان والقناعة والحياء والصبر والرياء والإصلاح بين الناس والتحذير من الظلم والإحسان وفعل الخير والصبر على الأذى ومداراة الناس وحفظ التجارب وغلبة العبادة والبلاغة. وهناك فصول من كلام رسول الله والصحابة وغيرهم، ومن كلام سليمان الحكيم وبرسين الحكيم وأفلاطون، ونوادر فيثاغورس وسيخانس، ومحاسن شعر الحكماء، وأبواب في المديح والتشبيه ومشي النساء والخفر والشيب والاعتذار والعتاب والمراثي والغزل والحكمة. يبدأ المؤلف كل فصل بآيات كريمة ويشفعها بما ورد من الأثر ثم الشعر ثم أقوال الحكماء في هذا المعنى.
وذكر المعلق على الكتاب أنه وقعت في طبعته هذه بعض أغلاط، مع كل ما عانى في تصحيحه، جاء بعضها سهواً منه، وبعضها من خطأ النظر، وبعضها من الأغلاط المطبعية التي لا يتنزه عنها كتاب. ونحن نقيم من كلامه هذا عذراً لكل من أحيا كتاباً للقدامى؛ وليس من الإنصاف أن يُحمل على كل من ارتكب خطأ من هذا القبيل بعد بذل الجهد، فقد تسرع