هكتور عن جثة بتروكلوس. . . عدة أخيل. . . فلن تكون بعد اليوم إلا لأخيل!
واستل ابن بليوس خنجره، وأهوى على عقبي هكتور فخرمهما، وربط القدمين العزيزتين في مؤخر عربته الحربية، ثم ألهب جياده فهامت على وجوهها في الساحة، وطفقت تطويها مثنى وثلاث حول إليوم، والرأس العظيم يتعثر بثرى المعمعة الذاهلة، والطرواديون فوق الأسوار ينظرون ولا يحيرون. . . إلا هذا الملك الشيخ. . . بريام المذهول. . . الذي راح يملأ الفضاء أنيناً موجعاً، وشجواً مفزعاً،. . . وإلا هذه الأم المرزأة. . . هكيوبا الملكة. . . التي راحت تحثو التراب فوق رأسها، وتتقلب فوق الأرض كالطائر المذبوح. . .
أما أندروماك. . . فلها السماء. . . ولها الآلهة!!
لقد كانت تضفر أفواف الزهر للقاء هكتور، وترشق الورود في أرائك المخدع، وتعد الحمام الساخن لغسل ثرى الميدان. . . ولم تكن تفكر قط إلا في عودة البطل مخضّب الذيل بدماء الأعداء. . .
ولكنها سمعت لغطاً وضوضاء يرتفعان فجأة خارج القصر. . . وكأن هتافاً من السماء هتف بها أن تخرج لتستجلي النبأ. . . ولكنها أيضاً شعرت بقوة خفية تدفعها إلى البوابة الأسكاتية. . . حيث وقف بريام يبكي ولده. . . فما كادت تصل ثمة وتشهد هذا الجمع المحزون يذري دموعه. . . وما كادت تطل من شرفة البرج فترى إلى هكتور مربوطاً في عربة أخيل، وأخيل الجبار يطوي به الساحة، ويذرع به الميدان. . . حتى وجفت نفس الزوجة البائسة، وخرت إلى الأرض مغشياً عليها. . .