يتناول بضعة أقداح من (الويسكي) تنعشه في رحلته الطويلة المظلمة. . ومع ذلك فإن (س) واثق من أن هذا الحادث سوف يعوض لصاحب البار ما أصابه من ضرر، يعوضه بالإعلان الذي يعمله هذا الانتحار للمحل. . إن (س) لا يأسف كثيراً على مفارقة الحياة لأنه لم يعد يملك شيئاً، والحياة بلا مال، أمرّ في نظره من جرعة ملح. . ثم (س) فوق ذلك لا يثق بالمستقبل، ولا بنفسه، فهو يعلم أنه لا شئ، وأنه لن يصير في يوم من الأيام رجلاً مثرياً. . ومع ذلك فإن (س) لم يخلف ديوناً. . بل لا يزال في حجرته بالفندق بضعة جنيهات، وهو يهديها إلى جمعية الرفق بالحيوان، لأنه لا يحب أن يخلف شيئاً لبني جنسه، إذ هو يحتقر الطبيعة البشرية، ولا يستثني منها نفسه. . إذ لم يكن ملاكاً في الحياة الدنيا، بل كان كغيره مخادعاً. . بل (س) يأسف لأنه لم يحسن الخداع في الحياة، لأن الحياة في نظره كلعبة (البوكر) لا يربح فيها إلا البارع في الخداع. .
ومن الأسباب القوية لانتحار س أيضاً، أن ضميره لم يكن مستريحاً، فقد كان سبباً في وفاة فتاة في العام الماضي في ريعان الصبا، ماتت كمداً لأنه وعدها بالزواج ولكنه لم يف بوعده، لأنه فقير لا يستطيع أن يتزوج، وهو لا يعترف بالحب مع البؤس. كم ودّ (س) أن يتناسى هذا الحادث! ولكن ماذا يفعل في ذلك الشيطان الصغير الذي يقطن داخل جسدنا والذي أخذ ينغّص عليه الحياة من أجل هذا الحادث؟. . . لهذا تجد (س) غير نادم كثيراً على مفارقة الحياة. . . وبهذه المناسبة يطلب (س) الصفح من هيلانة (وهو اسم الفتاة). . .
ولكن أدولف الخمار لم يكمل قراءة الورقة، بل قذف بها صارخاً: آه من الوغد! مسكينة هيلانة!