أنظر هل للقوم كمين أو مدد فأبعدت فلم أر شيئاً، وأنهم لثلاثمائة رجل؛ يزيدون قليلاً أو ينقصون قليلاً، ولكني رأيت البلايا تحمل المنايا: نواضح يثرب تحمل الموت النافع، ألا ترونهم خرساً لا يتكلمون؛ يتلمظون تلمظ الأفاعي، لا يريدون أن ينقلبوا إلى أهليهم؛ زرق العيون كأنهم الحصى تحت الجحف، ليس لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم؛ والله ما نرى أن نقتل منهم رجلاً حتى يقتل رجل منكم، فإذا أصابوا منكم أعداها فما خير العيش بعد ذلك! فروا رأيكم
حكيم بن حزام (لعتبة) - يا أبا الوليد! إنك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها، فهل لك لا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر؟
عتبة - وما ذاك يا حكيم؟
حكيم - ترجع بالناس وتحمل دم حليفك عمرو بن الحضرمي
عتبة - هذا والله الرأي، فأدع لي الناس
(يدعوا الناس)
عتبة (خطيباً) - يا معشر قريش! أنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمداً وأصحابه شيئاً؛ والله لئن أصبتموه لا يزال رجل منكم ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه، قتل أبن عمه وأبن خاله، ورجلا من عشيرته. ارجعوا وخلوا بين محمد وسائر العرب، فان أصابوه فذاك الذي أردتم، وإن كان غير ذلك كفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون. أي يا قوم! إعصبوها اليوم برأسي وقولوا: جبن عتبة، وانتم تعلمون أني لست بأجبنكم. . . . . .
يا قوم أطيعوني فأنكم لا تطلبون غير دم أبن الحضرمي وما أخذ من العير وقد تحملت ذلك. يا معشر قريش! أنشدكم الله في هذه الوجوه التي تضيء ضياء المصابيح أن تجعلوها أندادا لهذه الوجوه التي كأنها عيون الحيات