الطعم من الثمر والعطر من الزهر وقد تكون منه مكان الصدي والسير من السيارة كما قد تنزل منه منزلة السائق منها فتكون غيره.
ولعلي لم آل جهدا في التفكير بما يقفني على هذه القوة (مصدر النفس) واكتناه حقيقتها الغامضة أو لعلي لم أحجم عن درس أي كتاب اتصل بي صادرا عن أي مفكر في العالم للبحث عن هذه القوة، فلم يزدني كل ذلك علما بما وراء ما أحس إلا انه أمر فاتني حسه ففاتني اكتناة سره، ولم أكن لأقول فيه إلا من وراء الحدس والظن ولعل ما نقوله في تلك النفس التي توحي إلينا الفكر وتحرك ألسنتنا بالنطق، انما هو من قبيل الخوض في هذا التيار الحافل بأسرار هذه القوة الغامضة فلم نقل فيه إلا تخرصاً وحدسا.
ثم ما هي حقيقة هذه الإرادة؟
وما هو هذا الفكر؟
هل هي وليدة انفعال تلك القوة العليا؟
وهل هذا الفكر الذي نجول به في عالم النفس هو وليد ما يصدر عن هذه الإرادة من عمل؟ ام هما معا فعل تلك القوة الاولى أم نتيجة انفعالها؟
وهل من الممكن لو لم يصدر عن الإرادة عمل في الحياة ان يتكون هنالك فكر يتدبر هذا العمل فنقول قد كانت إرادة ولم يكن فكر وسيبقى وتهرم الإرادة ثم تموت؟ أي أن الإرادة هي التي أوجدت الفكر، والفكر سيتغلّب عليها بما يعضده من نواميس الاجتماع التي يسنُّها فيخلق الإرادة حينئذ من جديد ويصبح الإنسان ملكا.
ومهما يكن من شيء فلا بد لنا قبل التعمق في لبحث عن الفكر من تحرير الإرادة، وهذا التحرير يستلزم كلمة تتناول ما وراء هذا العمل الخارجي من عامل داخلي.
الانفعال:
هو الانتقال من عوارض النفس بما يفاجئها من حوادث خارجية او تصورات داخلية، فالغضب الذي هو نتيجة انفعال النفس بما يثير حفيظتها ويمتهن قدرها والسرور الذي هو نتيجة انفعالها بما تتلقاه من نبأ سار هما من العواطف التي هي نواة الشاعرية في النفس والتي تنبعث عن هذا الانفعال.
وقد يكون الانفعال غير مفاجئ فينجم عن أمر الإرادة للنفس بما يكبتها كاليأس الذي يتسرب