وأعظم ما تبدو مقدرة بورجيه ومواهبه في المواقف النفسية وفي تحليل القلب البشري ونزعاته، وفي تصوير مختلف العواطف الإنسانية، فهو عندئذ لا يجاري، بل هو أستاذ هذه المدرسة الفذ، وهي مدرسة نلمس فيها الأدب الروسي. ويكتب بورجيه بلغة قوية، وقد تبدو أحياناً عسيرة الفهم، ولكنه يحمل قارئه بقوته، ويأخذ لبه بسحر عرضه، وروعة بيانه وفنه؛ ومع أنه يميل إلى المفاجآت العنيفة في قصصه، فإنه مع ذلك يجنح إلى الحقيقة ويجانب الإغراق؛ وأكثر ما يميل بورجيه إلى التشاؤم، وقلما يميل إلى الجانب المرح مَن الحياة والصور؛ ويطبع الجد أسلوبه وتفكيره دائما؛ بيد أنه يجنح أحياناً إلى السخرية اللاذعة؛ وهو فوق ذلك فيلسوف عميق الفكرة دقيق الملاحظة بعيد الغور والمغزى، وناقد قوي الجدل والحجة، وفنان من الطراز الأول يعشق الفن ويرعاه؛ وكان حتى آخر أيامه مديراً لمتحف شانتي.
ويتبوأ بورجيه كرسيه بين الخالدين في الأكاديمية الفرنسية منذ أثنين وأربعين عاماً؛ وكان إلى ما قبيل وفاته يوالي الكتابة في كثير من الصحف والمجلات الكبرى، ويكتب منذ أعوام في جريدة (الفيجارو) كلمات في السياسة والاجتماع تلفت النظر بقوتها وطرافتها، وبوفاته ينهار ركن عظيم في صرح الأدب الفرنسي المعاصر.
(ع)
الأستاذ أحمد أمين يحاضر في بيت المقدس
نظمت جمعية الشبان المسيحيين في فلسطين سلسلة محاضرات في (المدينة العربية)، واختارت لها جماعة من صفوة العلماء، منهم الأستاذ أحمد أمين، والأستاذ جيب، والأستاذ مايرهوف.
وسيلقي الأستاذ أحمد أمين محاضرته في (الإسلام كعامل في المدينة) ببيت المقدس في يوم الأربعاء ٢٢ يناير سنة ١٩٣٦.
حول الاحتفال بذكرى المتنبي
لامنا الأديب السيد فاضل سعيد عقل في شيء من الإسراف على أننا أغفلنا حفلة لبنان حين أشرنا إلى بعض تلك الحفلات في مقالنا عن المتنبي، وعزا ذلك إلى أن المصريين