اللغوي والإطلاق العربي يجيزان ذلك بتوسع. إن نابليون كان فتى، لأنه رجل عظيم أتى بصنوف من العبقرية والمواهب في الحرب والسياسة، وكان العرب يطلقون لفظ الفتى على من أمتاز بموهبة تبعث الإعجاب والثناء، ولقد قالوا قديماً:(لا فتى إلا عليّ)، ونابليون كان فتى بالمعنى اللغوي لأنه حين بزغ نجمه لّما يكتمل العقد الثالث من عمرهُ؛ ثم كان تليانياً (بياء النسبة) من جزيرة قرشقة. لعل لهذه الغيرة النابليونية سبباً تكشفه لنا الأيام.
ص٢٤٠ - ٢٤١ - يرمينا الناقد بالتقصير في تفهم قصيدة (تأبط شراً) ويأخذ علينا نقل شرحها عن التبريزي، وأننا ذكرنا في التعليق عليها لفظ عمه بدل خاله، وقد فات الناقد أننا ذكرنا لفظ خاله مرة قبل ذلك، ثم ذكرنا لفظ عمه سهواً وعن غير قصد: أما نقلنا شرح التبريزي، فمع إشارتنا إلى المصدر الأصلي - وهو ما يعبر عنه المؤرخون بالأمانة في النقل - فأننا لم ننقل هذا الشرح على القصيدة برمته، وإنما نقلناه بتصرف ومع مراجعة القاموس وكتب اللغة. فما ندري أن الخطأ غير المقصود في ذكر لفظ العم بدل الخال في قصيدة يكون معناهُ أننا لم نتفهم معنى القصيدة برمتها. وهكذا يكون الأنصاف وإلا فلا!!
كم أعجبني قول الأستاذ الكبير والمؤرخ المشهور بآثاره العلمية محمد بك كرد علي في تحقيقاته على كتاب:(ذكر المعلق على الكتاب أنه وقعت في طبعته هذه بعض أغلاط مع كل ما عانى في تصحيحه جاء بعضها سهواً منه، وبعضها من خطأ النظر، وبعضها من الأغلاط المطبعية التي لا يتنزه عنه كتاب.
ونحن نقيم من كلامه هذا عذراً لكل من أحيا كتاباً للقدامى وليس من الأنصاف أن يحمل على كل من أرتكب خطأ من هذا القبيل بعد بذل الجهد).
ص٣٣٠ - على الرغم مما ورد في كتب التأريخ بأن عثمان كان يصوم الدهر وأنه قتل صائماً، فأن الناقد يحاول بجرة قلم أن يرفض هذا القول لسبب واحد: هو أن العقل يرفضه!! كأن حوادث التأريخ أصبحت تجري وراء عقل بعض الناس؛ فما رفضه يجب أن يمحى من كتب التأريخ ولو بلغ حد التواتر أو قام عليه ألف دليل ودليل. ألسنا في حل من إن نقول الذي جعل العقل يرفض هذا القول هو أننا نريد أن نثقل كفة السيئات والمآخذ.