الفاعل وهذا ينصبه، فإذا سألته في ذلك أو نقدت قوله قال لك: دعني فاني هكذا أكتب، وهكذا أريد، ولن أغير في كتابتي ولن اكتب غير ما أريد. وستنفرد اللغة العربية إذن بهذا الأسلوب الغريب المتعدد الذي لا ضابط له من قواعد ولا قياس، فتفوق بذلك لغات الأرض قديمها والحديث، وسيكون ذلك كله باسم التجديد في اللغة والأدب. ان هذه اللغة العربية ليست لغتنا نحن المصريين، وانما هي لغة طغت على اللغة المصرية، واحتلت مكانها فصارت لغتنا وأخذناها ونحن راضون بها مطمئنون إليها، فهي لغة كتاب السواد الأعظم من المصريين ولغة نبيهم الكريم، فأما أن نحرص عليها وعلى قواعدها ونسير وفق مناهج أصحابها، وأما أن نغير تلك القواعد ونجعلها موافقة لطبيعة عصرنا وأمزجتنا، ونصطلح على قواعد لا يختلف فيها نشء صعد ولا نشء صاعد، أما قبل ذلك التجديد فليس لنا إلا أن نتبع ما لدينا من قواعد اللغة ونحوها. سيقال أن هذا التجديد الذي يحدثه كبار الكتاب فيما يكتبون سيصبح مع الزمان قواعد تتبع ونماذج تحتذى، بل هو قيل بالفعل، ولكن ليس كل الكتاب من الأكابر، وليس من الممكن أن نقصر التجديد على كبار الكتاب ونحظره على الناشئين منهم، ولسنا نأمن على اللغة من هؤلاء الناشئين أن يفسدوها من حيث أرادوا لها تجديدا وإصلاحا. للكتاب أن يغيروا من الأساليب كيفما يشاءون، وأن يصطنعوا الإطناب أو الإيجاز كما يريدون، فان هذا كله خير للغة ودليل على غناها ومرونتها، ولكن في حدود القواعد المرسومة والنحو الموضوع، ولا يهمني أن تكون تلك القواعد جديده نصطلح عليها الآن أو أن تكون هي التي بين أيدينا والتي أجاهر بأنها في حاجة كبيرة إلى الإصلاح، فالمقصود هو أن ننزع اللغة من براثن الفوضى، وما دام الكتاب كباراً ففي وسعهم من
غير شك أن يكتبوا فيحسنوا الكتابه، وأن يعرضوا أفكارهم الناضجة وآثارهم الأدبية فيحسنوا عرضها، وأن يحافظوا مع ذلك كله على قواعد اللغة.