هل الحياة وإن كانت مثقفةً ... سوى نفاقٍ وتدليس وإدهان
إن الحياة لسرٌّ ظلّ مختفياً ... والروح أكبرُ من عقلي وعرفاني
هل كان في الأولين السابقين لنا ... حقاً عبادةُ أصنامٍ وأوثان
الكذب بالحور والغلمان ذو هِبةٍ ... والصدق يقصيك عن حور وغلمان
نزلت في ليلة مقرورةٍ بها ... فالصدق عبّس لي والكذب حياني
الكذبُ كان بما فيه الرغادة لي ... في العيش يأمرني والصدق ينهاني
إذا صدقتُ فان الناس تمقتني ... وإن كذبت فان الناس تهواني
يصحّح الكذبُ ما للصدق من الخطأ ... والكذب والصدق في الإنسان صنوان
وأعذب الشعر ما قد كان أكذبه ... قد قال هذا قديماً كل إنسان
وطالب المثل الأعلى وإن عجزت ... منه اليراع على هذا هو الباني
للنابغين شياطينٌ تساعدهم ... وما شياطينهم أشباه شيطاني
إبليس أنجبَ شيطاني وأدّبه ... وبالأكاذيب أوصاه وأوصاني
جميع ما فيّ أمسى تحت سلطته ... إلاّ ضميري وأخلاقي وإيماني
إما مفارقةُ الشيطان لي فكما ... يفارق الروحُ عند الموت جثماني
ولا يفارقني إلاّ غداة يرمي ... سيري إلى العالم الباقي من الفاني
الشعرُ أنِشدُه كالشعر يقرضه ... على لساني فأنّا فيه سيان
يبكي ويضحك شعري حين أرسله ... إلى الجماهير من أنسٍ وجنّان
لقد جرى الشعر شوطاً في تطوّره ... وظل يُبدل ألواناً بألوان
لم يكبر الشعرُ معتزاً بقوته ... حتى تربيتُه طفلاً بأحضاني
ولست أرضى بسلطانٍ على أدبي ... إن لم يكن ذلك السلطان سلطان
وربّ شعرٍ جميل بعد قائله ... يشدو به الناس من قاص ومن دان
الشعر باللفظ والمعنى يفوق كما ... يطير في الجوّ الجناحان
وأفتنُ الشعر ما قد هز سامعَهُ ... بما به بثّ من وجد وأشجان
وسوف يبقى جديداً في رسالته ... إلى الجماعات ما كَرّ الجديدان
بغداد