وبامون وأنتيفون وبوليت؛ ثم ديفوبوس وهيوثوس وديوس. . . كلاب الأزقة كما كان يدعوهم أبوهم. . . (ليت المنية التي تخطفت هكتور تلقفتكم وخلت سبيل هكتور. . . أوليتها أصابت ألف ألف من أمثالكم وعميت عن ليكاون وبوليدور. . .؟)
وأمرهم فرتبوا الهدايا ورفعوها فوق ظهور البغال. . . وما ثقل منها وضعوه في عربة كبيرة يجرها بهيمان؛ وتقدمت هكيوبا فصبت على يدي زوجها خمراً يطهر بها، وأخذ هو في صلاة طويلة لزيوس. . . أن يحميه ويوقيه. . . ويرشده في طريقه إلى أخيل؛ ويرسل إليه الرسول الذي وعد، يقوده إلى فسطاط زعيم الميرميدون!!
ولم يكد ينهض من صلاته، ويختم توسلاته؛ حتى رف فوقه طائر ظل يضرب الهواء بخافيتيه، ويهوّم ويدوم، ويرنق في سماء الهيكل تارة، ثم يستقر عند المذبح أخرى، حتى أيقن الملك وملؤه أنه الرسول المنتظر، والقائد المنشود فخفقت قلوبهم، وفرحوا واستبشروا.
وتقدم إيديوس الحكيم فألجم البغال، وأسرج الخيل، وشد البهائم إلى عربة الملك، وأقبل بريام فركب، وأصدر أمره إلى حكيم طروادة وفيلسوفها فسار بين يدي الركب، يحدوه ويباركه ويضمن له رعاية السماء.
أما الطائر الميمون فقد انتفض انتفاضة هائلة، وراح يحلق فوق طروادة،. . . ثم غاب عن الأبصار. . . إلى أين. . .؟ إلى حيث لا يدري أحد!!
وتهادى الركب. وانطلق إيديوس يحدوه، حتى كان عند مقبرة إليوس الأكبر، وحتى كانت طروادة الخالدة وراءهم، حالمة في غبشة المساء ساهمة مستسلمة، كالفكرة الشاردة في دماغ الشاعر الغرير.
وغابت الشمس في مياه الهلسبنت، واختلط البنفسج الشاحب بسواد الليل، ونقت ضفادع الأبالسة في فضاء البرية، فملأت القلوب وحشة، وأرسلت في المفاصل رعدة، فلم يكن بد من أن ينيخ القوم حتى يأذن القضاء بالرحيل.
وفيما كان إيديوس يسقي الدواب من الغدير النائم في كِلَّة الغسق، إذا شاب يافع يقبل نحوه ويسأل عن الملك. . . ويكون بين يديه بعد لحظات. . .
ويسأله الملك عن شأنه فيحدث أنه جندي آبق من جنود أخيل، وأنه ينصح الملك ألا يجازف بنفسه وبما يحمل من اللُّهى والعطايا في هذه الرحلة المهلكة، التي قد تنتهي بما لا