التفريق بين الخمور والشاي، ومراقبة الصوت وإصلاح (البيان). قالت (مدام دي رموزا): إن الحس أكثر ملازمة لنا معاشر النساء من الملاحظة. واستنتج من هذا أن ذاكرة النساء أقل اضطلاعاً بالمسائل من كل وجه من ذاكرة الرجل. واضطراب المرأة اعظم بكثير من اضطراب الرجل. وتزيد في بعض أدوار حياتهن اضطراباً حتى تكون مرضاً وحرضاً تبعث على الغضب، وتصبح مدة الحمل أحياناً في مثل جنون عارض. وهكذا انفرد الرجل بالذكاء والمرأة بالشعور؛ والرجل في كل حين يفكر ويقدر، والمرأة تشعر وتحس. فالشعور فيهن هو كل ما لهن من آيات النبوغ. قالوا إن المولى أبى أن يرزق النساء قرائح لتتجمع كل جذوتهن في القلب.
قال وقد يعترضني أناس كثيراً من الفتيات أحرزن المقام الأول في المسابقات العلمية والأدبية الصعبة، ولكن (خيركوف) بحث في فتيات الجامعات فانتهى به البحث إلى أن الطالبات قد أهبن بالحافظة والمعلومات الجدية التامة المدققة أكثر من الطلاب؛ فالطالبات ينقصهن الاستقلال والتعمق في الفكر. فهن آخذات غير موجدات. وقارن المؤلف بين ثلاثة من الكتاب:(بوسويه) و (فلوبير) و (بول فاليري)، وبين ثلاث كاتبات (مدام دي سيفينه) و (جورج ساند) و (مدام كوليت)، فثبت له أن في إنشاء الرجال منطقاً سليماً، وفكراً مستقيماً، كانت فيه متانة جملهم، ورنة أصواتهم الموسيقية وتساوق المجموع من أقوالهم، على خلاف كتابة أولئك الكاتبات العظيمات.
قال ولا سبيل إلى إنكار تأثيرات العرف من القرون في تربية المرأة. ولعل أوربا تشهد في مستقبل الأيام حالة تشبه ما نراه من مثلها في الولايات المتحدة اليوم، وهي أن الرجل يشتد في اقتناص المال عاملاً له كل ساعة، والمرأة مستغرقة أبداً في تثقيف نفسها، وعندئذ ينشأ من النساء الهواة المنورات، والكاتبات البارعات، والمغنيات الباهرات، يكن مناراً يهتدي به الرجل الساري في الحياة. أما الآن فالنساء ينقلن عن الرجل، والناقل بنقله معترف ضمناً بتفوق من ينقل عنه.