نعيت إلى غر القوافي فأعولت ... عليك من الشعر الحسانُ الخرائد
وللعلم فياضاً فماجت مصادر ... عُنيت بها بحثاً وجاشت موارد
وفلسفة أَطلعت في الشعر نورها ... هي اليوم ثكلى عن جميل تناشد
حلفت يميناً لم تشبها اختلاطة ... وقلبي على دعوى لسانِيَ شاهد
لقد كنت فخراً للعراق وزينة ... تزان نواديه بها والمعاهد
وكنت خصب العراقي شاهدا ... إذا أعوزتنا في التباهي شواهد
وكنت أرق الناس طبعاً ونكتة ... وألطف من دارت عليه المقاعد
وأنت ابتعثت الشعر بعد خموله ... نشيطاً فخوض الشعر بعدك راكد
ثوى اليوم في هذي الحفيرة عالم ... بأسرارها، لله بالعقل ناشد
أقام على العلم الصحيح اعتقاده ... عدو لأشباح الخرافات طارد
وكان نقياً فكرة وعقيدة ... عزيزً عليه أن تسف العقائد
يقرر أن الدين حب ورحمة ... وعدل، وأن الله لا شك واحد
وأن الذي قد سخر الدين طامعاً ... يتاجر باسم الله، لله جاحد
ثوى اليوم في هذي الحفيرة شاعر ... على الظلم محتج عن العدل ذائد
وشيخوخة مدت على الكون ظلها ... تكافح عن آرائها وتجالد
أَبَا الشعر! إن الشعر هذا محله ... فقد نصت الأسماع والجمع حاشد
وهذي جيوش الشعر والعلم تبتغي ... لها قائداً فذاً فهل أنت قائد
فأين قصيد قد نظمت فريده ... وأين من الشعر البديع الفرائد
وأين النكات المؤنسات كأنها ... حدائق تُسقى بالندى وتعاود
وأين العيون اللامعات زكانة ... زغائب تبدو فوقها ومقاصد
جميلٌ أعان الرافدين بثالث ... من الشعر تنميه بحور روافد
وكان حياة للنفوس ورحمة ... تغاث بها النفوس الهوامد
تطاوعه غر المعاني كأنها ... وصائف تبغي أمره وولائد
أقول لرهط الشعر يبغون باعثاً ... عليه: تثير الشعر هذي النضائد
هلموا إلى قبر الزهاويِّ نقنص ... به نفساً من روحه ونطارد