للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ناهضة أن تقتصر عليه، بل أين شعراء الشرق الذين تغنوا بما حوته طبيعة بلادهم من جمال إبداع فرقوا ذوق شعوبهم وأشعروهم بجمال الطبيعة، وغذوا عواطفهم وعودوهم تقدير الجمال والهيام به؟ لقد قصر شعراء العرب قديما وحديثا في هذا الباب فلا نعثر منه في الأدب العربي إلا على قليل، وهذا القليل لا يكفينا الآن ولا يسد رغباتنا لأن شعر الطبيعة قد رقِّيَ عند الأمم وأصبح مؤسس على شيئين لابد منهما وهما علم بالطبيعة ومعرفة بقوانينها، وحب للطبيعة وهيام بها ثم صياغة ذلك كله في قول ساحر جذاب.

وهذا الضرب من الشعر قطع فيه المحدثون من الغربيين شوطا بعيدا وسبقوا فيه من قبلهم بمراحل طويلة (وبعد هذا كله) أين الشعر الاجتماعي العربي الذي يساير نزعات أمم الشرق ومطامعها وآمالها في الحياة؟ إن أمم الشرق تنزع إلى الحرية وتأمل أن تتبوَّأْ في العلم الإنساني المكان اللائق بها، وتنشد ضروبا من الإصلاح الاجتماعي ترى الحاجة ماسة إليه وكلها مجال فسيح للشعر يلهب حماستها ويقوي إيمانها ويهديها سبل الحياة. فأين الشعراء الذين وقفوا هذه المواقف وقادوها قيادة صالحة؟ إن عواطف الأمم الشرقية ساغبة تنتظر من يغذيها ولا تجده. الحق أن أدباء النثر قد أدوا رسالتهم خيراً مما أداها أدباء الشعر، وفي كل من الفريقين تقصير؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>