للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولا يُعْليك بين الناس خفضي ... ولم تبعد بأفقك عن سمائي

لتنزلني إلى حيث استقرت ... بك الدنيا تفنن في العداء

تخبِّرُني اللحاظ بغل قوم ... على ما نلت من فرص الرخاء

وكنت أظنه حسداً لقولي ... فخلت الصمت أقرب للنجاء

ولو سمعوا بموتيَ ما استراحوا ... ولا يشفي حقودهمُ فنائي

أرادوا لي الممات ولو دهاني ... لفرط الحقد أحسد للفناء

فلا يرضيهمُ عيشي رخياً ... ولا يرضيهمُ مني عفائي

وفي الدنيا الدنيئة هان سمْحٌ ... تعالى عن سلاح الأدنياء

إذا ما أحرجوا سمحاً كريماً ... تَدَرَّع بالقواذع في الرماء

دعوني صامتاً فالصمت أوقى ... لكم إن لم تصولوا بالغباء

أُداجي الناس ما داجوا وإني ... لأزهد في الدِّهانِ وفي الرياء

ولكن الحياة لها قضاء ... فمن يأباه يزهد في البقاء

وما أدري لَدُنْ أُلْفِي عدُواً ... أأبله أم تباَلَهَ بالعداء

أَخَوَّفَهُ أذاي أخو دهاء ... أَخَوَّفَهُ ذكائيَ واعتلائي

أَنمَّقَ وعده بالخير إما ... تمادي من تمادى في الجفاء

أسَعْىُ سعاية أم قول واشٍ ... يُحَكِّمُهُ المُحَكَّمُ في الخفاء

أَرَجَّاهُ مُرجِّى الخوف مني ... ضلالاً نيل عونِيَ أو ثنائي

أعَدْوي في التثاؤب من كسول ... كعدوي في العداوة والإخاء

أرشح اللؤم في رهط وضيع ... يفيض بما يشاء من الأداء

ومن عرف الأنام رأى أُموراً ... مُرَعْبَلَةً كرعبلة الكساءِ

أراها كلها صُوَراً تَنَزَّى ... تَنَزِّي الآل في الخرق الخواء

سراب لست أتبعه فأخشى ... هلاكاً لا ولا هو من رجائي

أنا المرء الذي عرف البرايا ... فلا يردى لعاد أو لشائي

ومن خَبَرَ الأنامَ لِصُنْعِ فنٍّ ... فكل الخلق من صُور الأداءِ

تراموا بالهجاء فان أصابوا ... فرهطهم الملطخ بالهجاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>