المشرق، وأنت فانك تعلم أن الأندلسيون كثيرا ما يحذون حذو المشارقة في سائر مناحيهم؛ ومن ثم نحوا نحوهم في وضع هذا النوع من التواليف، فوضع الأديب الكاتب الشاعر أبو عمر أحمد بن فرج - وكان معاصراً للخليفة الحكم المستنصر بن عبد الرحمن الناصر - كتاباً اسمه (الحدائق) قدمه للخليفة المستنصر وعارض به (كتاب الزهور) لأبي محمد بن داود الأصبهاني ولم يورد فيه لغير أندلسي شيئاً - وسنترجم لهذا الأديب - ثم جاء من بعده صاحبنا أبو الحسن علي بن بسام فوضع كتاب (الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة) وجعله ذيلا على حدائق ابن فرج. وفي عصره صنف الفتح بن خاقان كتابي القلائد والمطمح، وجاء بعدهما الأديب أبو عمر بن الإمام وذيل على الذخيرة والقلائد بكتاب اسمه سمط (الجمان وسقيط المرجان) ذكر فيه من أخل ابن بسام والفتح بتوفية حقه من الفضلاء، واستدرك من أدركه بعصره في بقية المائة السادسة؛ وذيل على هذا الكتاب أبو بحر صفوان بن إدريس الكاتب الأندلسي الكبير بكتاب سماه (زاد المسافر) ذكر فيه جماعة ممن أدرك المائة السابعة. وهنا نذكر أن أكثر هذه الكتب مفقود كما أن هناك تواليف كثيرة من هذا القبيل لم نسمع بها فضلا عن أنها غير موجودة. فلقد أخبرنا الإمام أبو محمد بن حزم في رسالته التي يشيد فيها بفضائل الأندلس أن للشاعر الوشاح أبي بكر عبادة بن ماء السماء كتاباً في أخبار شعراء الأندلس أثنى عليه وقال أنه كتاب حسن معناه. وحدثنا أيضاً بأغرب من هذا وهو أن من بين الكتب التي وضعت للخليفة الحكم المستنصر كتاباً في أخبار شعراء (أًلبِيَره) في نحو عشرة أجزاء. . . فتأمل. . . ومما يتصل بهذا وما هو أقعد في باب الغرابة ما حدثنا به ابن حزام أيضاً من أن هناك شاعراً أندلسياً كان في عصر جرير والفرزدق اسمه أبو الأجرب جَعْونَة بن الصِّمّة الكلابي يقول ابن حزم في حقه: ونحن إذا ذكرنا أبا الأجرب في الشعر لم نباه إلا جريرا والفرزدق لكونه في عصرهما؛ ولو أنصف لاستشهد بشعره فهو جار على مذهب الأوائل لا على طريقة المحدثين. وحكى ابن سعيد صاحب كتاب المغرب قال: إن عباس ابن ناصح الشاعر الأندلسي لما توجه من قرطبة إلى بغداد ولقي أبا نواس قال له أنشدني لأبي الأجرب قال: فأنشدته، ثم قال: أنشدني لبكر الكناني، فأنشدته؛ فأين شعر هذين الشاعرين الأندلسيين العظيمين؟ إنا وا أسفاه لم نعثر لهما على شيء قط. . . . . . ثم وأين كتاب المسهب للحجاري، وكتاب المغرب