الإسلامي) أعني الأندلس والمغرب وله مؤلفات قيمة عن عرب أسبانيا والمغرب، وقد نشر فوق ذلك طائفة نادرة من الكتب والوثائق عن تاريخ الأندلس والمغرب الأقصى: منها الجزء الثالث من كتاب البيان المغرب، ووثائق عن ابن تومرت (المهدي)، وجزء من تاريخ ابن حيان. ومن مؤلفته كتاب بالفرنسية عن أحوال الأندلس أيام الدولة الأموية، وقد تألفت أخيراً لجنة من أفاضل المستشرقين برياسة العلامة المذكور لتقوم على طبع كتاب الذخيرة وتحقيقه وتذييله، وربما شغل الكتاب أربعة مجلدات كبيرة؛ وهو ينقسم إلى أربعة أقسام: الأول خاص بقرطبة وأعيانها؛ والثاني خاص بغرب الأندلس وأعيانه وأخبار بني عباد؛ والثالث خاص بأخبار بلنسية وأعيانها؛ والرابع خاص بأخبار الجزيرة. ولدينا في دار الكتب من كتاب الذخيرة نسخة ناقصة تحتوي على قسمين منه فقط هما الأول والثاني
وقد استفاد من كتاب الذخيرة كثير من العلماء المشتغلين بتاريخ الأندلس مثل دورزي وسيبولد، وذلك قبل أن يوجد نصه كاملا؛ والكتاب من أنفس آثار الأدب الأندلسي، وقد كتب بأسلوب بديع، وبه معلومات قيمة عن أحوال دول الطوائف خلال القرن الخامس الهجري، وليس من ريب في أن نشره سيكون خدمة جليلة للتاريخ الأندلسي
تراث جاك بانفيل
أشرنا في عدد سابق إلى وفاة الكاتب والمؤرخ الفرنسي الكبير جاك بانفيل. وقد قرأنا أخيرا في إحدى المجلات الفرنسية الكبرى فصلا عن الكاتب الراحل للعلامة المؤرخ أوكتاف أوبري الذي زار مصر منذ حين وألقى بها عدة محاضرات تاريخية شائقة، يصف فيها تراث بانفيل التاريخي ويحلل مواهبه وكفاياته كمؤرخ وفيلسوف للتاريخ. وقد كان بانفيل قبل كل شيء كاتباً سياسيا؛ وكان رجل جدل قوي يذود عن آرائه بيقين وحرارة؛ وكانت تغلب عليه الروح الفلسفية في كتابه التاريخ. ويرى الأستاذ أوبري في كتابيه (تاريخ فرنسا) و (نابليون) أثرين جليلين يمتازان بقوة خاصة. وقد كان بانفيل ملوكياً يؤمن أشد الإيمان بالملوكية ونظمها وتقاليدها؛ وكان يدافع عن عقيدته في هذا الوسط الجمهوري المضطرم بحرارة المؤمن؛ ومن ثم كان رأيه في الثورة الفرنسية واعتبارها حركة دموية طائشة. وهو في هذا يتفق مع كتاب عظام ناصروا الملوكية مثل لامرتين؛ بيد أنه يفوقهم جميعاً في حرارة إخلاصه للملوكية وشدة وطأته على الثورة. ويعتبر الأستاذ أوبري كتابه