ضرائب أخرى مباشرة وغير مباشرة، فهو بذلك من أكبر المساهمين في تكوين الدخل العام؛ ومع ذلك فهو لا يصيب من النفقات العامة قسطاً يذكر، سواء في التعليم أو الصحة أو المنشآت والمرافق العامة. صحيح أن الدولة تنفق الملايين على أعمال الري والصرف التي ينتفع بها الفلاح، ولكنها إنما تنفق في الواقع على إدارة الثروة المصرية العامة وإحيائها؛ ومن العدالة بل من مصلحة البلاد الحيوية أن يحظى الفلاح بنصيب حسن من الإصلاحات الاجتماعية التي ترمي إلى رفع مستواه الصحي والعقلي، ففي تقدم صحة الفلاح وتقدم ثقافته ثروة حقيقية للبلاد، وزيادة في قواها المنتجة الاقتصادية والاجتماعية
وليس الفلاح بحاجة إلى التدليل على قدره وأهميته في حياة البلاد؛ فهو يعمل متوارياً في صمت، ولكن شرايين الحياة المصرية كلها تمت بصلة وثيقة إلى عمله وإنتاجه؛ وهاهو ذا المعرض الزراعي الصناعي القائم الآن أسطع دليل حي على ما لهذا الفلاح المتواضع من جليل القدر في الإنتاج العام، وما يستطيع أن يقوم به من المعجزات الزراعية والصناعية إذا تعهده ولاة الأمر بالعناية الرفيقة والإرشاد المستنير
إن الفلاح مستودع الذكاء المصري، وأبناء الفلاحين هم صفوة القادة والزعماء وأكابر رجال الدولة والحكومة، فكيف يعدم الفلاح بين أبنائه أنصاراً يطالبون بحقوقه في الرعاية العامة، وبقسطه من العناية الصحية والثقافية؟ لقد كانت صحة الفلاح وعقله وروحه وما زالت عصب مصر الزراعية والاقتصادية، وقد كانت ستغدو عصب الدفاع عن مصر؛ فإذا شاءت مصر أم تحافظ على قواها المنتجة، وأن تشحذها وتضاعفها، فعليها ألا تدخر وسعاً في العناية بجسم الفلاح وعقله وروحه
وإذا كنا نستطيع أن نسجل لبعض الوزارات المصرية شيئاً من الفضل في الاهتمام بأمر الفلاح، ولا سيما في تقرير التعليم الأولي، وإنشاء بعض المستشفيات والمؤسسات الصحية، وردم البرك، وغيرها، فأنه لا يسعنا إلا أن نلاحظ أن هذه المشروعات تسير بخطى بطيئة جداً، وأن ما تم منها لا يعدو بداية ضئيلة. ومن حق الفلاح، وهو الذي يكون أغلبية الأمة الساحقة، ويساهم بأكبر قسط في إنتاجها الحيوي، ويتحمل معظم الأعباء والتكاليف العامة، أن يفوز من ولاة الأمر، ومن مشاريع الإصلاح العامة بأوفى نصيب