مهرَت حماها والعُلى أكبادها ... ومشت يهيج نضالُها الرِّعديدا
رَوْضُ تجهَّز لِلْجهاد فلم يدع ... دَوحاً وَلا زَهراً ولا أُملوداً
لو كنتَ تشاهِدَه غداة كفاحِه ... لرأيتَ جيشاً للنِّضالِ حَشيدا
أو كنت ثمة شاهداً أطفاله ... لرأيتَ جُنداً عُدة وعديدا
صبرَوا على مُرِّ الطَّوى وتحملوا ... فقراً على غير الأباة شديدا
حَفُّوا بِأَلوية الجهاد وأقسموا ... ألا يكونوا للقويِّ عبيدا
كلٌّ يسيرُ إلى الأمامِ مشمِّراً ... وقد استعد لأن يعود شهيدا
وَعِتادُه قِطعُ الصفا لكن في ... إيمانه ما يصدعُ الجلمودا
وفؤادُه بين الأضالع شعلة ... حرى تشعُّ عزيمة ووقودا
سقطوا أمام بيوتهم، وسط الحمى ... صرعى فما حفلوا لظى وحديدا
شهداءُ مثلُ الزهر في أكمامه ... كانوا على ظلم القويِّ شهودا
يا ابْنَ الحضارة، هلْ علمِت حضارة ... تروى دماً وَمدامعاً وَكبودا
ركزتْ على الدَّمِ والجماجِم عرشها ... ثم ارْتدت زُورَ الطّلاء برودا
لبست بياضاً ناصعاً لكنها ... أخفت قلوباً كالضغائن سودا
يا منقذ الحرِّية الزهراءِ في ... زمن غدوْت لِلَيْلِهِ فرقودا
أعلنتَ للإِنسان حقاً اقدساً ... وَأََدتْهُ طاغيةُ العروش عهودا
دَرْسٌ غذوْتَ به الشُّعوبَ جميعها ... فكسرتَ أغلالاً وَهِجت هجودا
أتلومُ شعباً هَب يبعثُ مجدهُ ... وَيُعيد فخراً كالخلود تليدا
يمشي على لهبِ اللظى لحقوقهِ ... وَيخوضُ لاستقْلاله (البارودا)
قالوا: حَقودٌ! قُلتُ طاشَ خَيالُكم ... فَفتى العُروبةِ لا يكونُ حقودا
وهو يطلبُ استقلاله بدمائه ... لا يجتدي كرماً ويسألُ جودا
رُدوا له الحقَّ السليبَ مسلماً ... تَجدوهُ إلْماً صادقاً وَوَدودا
الشرقُ سمْحٌ منذ كانَ وإنما ... مُلئت حضارتُكم قذى وَحقودا
يا جيرةً ضمدوا جراحة جلِّق ... إذ جُرْحها يتلمَّسُ التضميدا
لله نصرتُكم أخاكم إنّها ... قد أصبحتْ مثلاً يسير شرودا