للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شتى وقفت بالحرية الفكرية بعض الشيء لاضطرد تقدمها. ونستطيع أن نقول بحق إن الموفقين من شباب الحجاز في الناحية الأدبية قليلو العدد جداً، والكتاب البارزين في الحجاز لا يزيدون على عشرة، ولكن أقلامهم الممتازة هي التي صورت مبلغ تأثر الحجاز باليقظة الفكرية ومدى إدراكه. أما قراء الأدب فكثيرون وهم ممن أنجبتهم المدارس الحالية، وهؤلاء بلا شك يرجى لهم مستقبل طيب مرموق

والحجاز اليوم بفضل الله ثم بفضل جهود أبنائه المخلصين متقدم بخطوات واسعة إلى الأمام، وميال إلى احتذاء أدب مصر ونزعتها الفكرية، ولا غرابة إذ شابه البعض من أدباء الحجاز بعض أدباء مصر في روحهم الأدبية وصار يكد ويجتهد في الحصول على ما يريده فوق ذلك من المثل الأعلى حتى يدرك المرمى الذي يقصده!

والأدب الحجازي اليوم رمز لما في أفئدة الحجازيين من عواطف وإحساس وحب وولاء، ولما في نفوسهم من شعور وكرم أخلاق، ولما في ضمائرهم من مبدأ واستقامة وغرام عميق بالحرية. وتختلف الأوساط الأدبية اليوم باختلاف قوتها ومداركها وتطورها وتجددها وبما يستتبعه هذا الاختلاف من تأثر بأساليب النقد البريء والتأمل الممتع والبحث الناضج، أو النقد المتهافت والنظرات الجوفاء والبحث الضعيف الخ، وهذا الاختلاف يعطينا صورة واضحة للتطور والتجدد في الأفكار تتحد مع نواميس الكون في نشوئه وتطوره. وليس غريباً على الحجاز أو الحجازيين أن يتأثروا بمؤثرات هذا العصر الحديث وفنونه ونزعاته، وأن تكون حياتهم ميالة إلى اقتباس أساليب جديدة في الحياة والأدب، فإن ذلك من بوادر النجاح وأسبابه، وهو دليل اليقظة، ونؤمل أن ينال الحجاز نصيبه من التقدم والشهرة والحرية التي هي من مبادئ الحياة الصحيحة في هذا العصر. على أن هذا الروح الأدبي السامي المتمثل اليوم في الحجاز حسب ما هو مشاهد وملموس هو بلا شك تأثر صحيح ومعقول، وهو المأمول أيضاً لبلاد لها ماض أدبي حافل

وأدباؤنا يشعرون ويتأثرون بعوامل الحياة الفكرية ويجيدون التصرف في فنون القول ويبدعون في سبك العبارات ووضعها في قالب من الحكمة والذوق ليحوزوا قصب السبق في معترك الحياة الأدبية وليرفعوا اسم بلادهم عالياً، وهذا ما يرجوه ويناصره كل أديب حجازي وهب موهبة الإحساس والشعور بالحياة وفرائضها - وليس ولله الحمد ثمة ركود

<<  <  ج:
ص:  >  >>