(إن العين لتدمع، وإن القلب ليجزع، وإنا بعدك يا إبراهيم لمحزونون: أما والله لولا أنه أمر حق، ووعد صدق، وأن آخرنا سيلحق بأولنا، لحزنّا عليك بأشد من هذا!) وينال من الصحابة حزن الرسول فيتقدمون إليه يذكرونه ما نهى عنه فيقول: (ما عن الحزن نهيت! وإنما نهيت عن العويل. وإن ترون بي أثرُ ما بالقلب من محبة ورحمة، ومن لم يُبد الرحمة لا يبدي غيره عليه الرحمة)
على أن حزن الرسل لا يكون إلا بمقدار ما فيهم من ضعف الإنسان. لذلك لم يلبث الرسول أن عاد إلى نفسه فصلى على ولده، وسوى عليه القبر بيده، ثم رش فوقه الماء وأعلم عليه علامة وقال:(إنها لا تضر ولا تنفع، ولكنها تقر عين الحي، وإن العبد إذا عمل عملاً أحب الله أن يتقنه)
تعزيت يا رسول الله لأن الألم سبيل من سبل دعوتك، والعزاء أصل من أصول دينك، والأرض وما عليها أهون من دمعك. والسماء وما فيها ثواب لصبرك، ولكن ماذا يصنع البائس المحزون إذا فقد الرجاء، وليس له في يومه صبر ولا في غده عزاء؟