للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وفي عصر النبوة

ولدت خديجة بمكة حوالي منتصف القرن السادس المذكور، وهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وكان خويلد ممن قاد قريشا في حرب الفجار، ثم هي ابنة فاطمة بنت زائدة بن الأصم من بني عامر بن لؤي، ولا نعرف عن فاطمة شيئا، غير أن الذهبي يقول في جدها عمرو بن خنثر المزني أنه كان من أبطال الجاهلية. فنسب خديجة خديجة لأبيها وأمها يدل على أنها تنتمي إلى بيت من أعز بيوت قريش هو بيت عبد العزى ابن قصي، وإلى قبيلة من أعز قبائل مضر هي عامر بن لؤي؛ واكتنف عمود هذا النسب الجليل فروع وحواش زاهية زاهرة، نعد منها عم خديجة عمرو بن أسد وكان سيدا من سادات قريش، وأبناء عمومتها حكيم بن حزام، وورقة بن نوفل وأخته قتيلة بنت نوفل، فأما حكيم فكان صاحب مروءة وعاطفة طيبة تتجلى في صنيعه لبني هاشم والمطلب عندما حصرتهم قريش في الشعب، وأما ورقة بن نوفل فكان معدودا في تلك العصبة المستنيرة التي يعرف آحادها باسم (المتحنفين) قد ترك الوثنية، وتنصر وقرأ التوراة والإنجيل، وكتب العبرانية، وشاركته أخته قتيلة في ميوله الأدبية والدينية، فكانت (ممن ينظر في الكتب) على حد تعبير القدماء؛ ومن هذه الفروع أخو خديجة العوام بن خويلد، وكان من رجالات قريش، وهو والد الزبير بن العوام حواري رسول الله

فخديجة من أوسط قريش نسباً، كما يقول مؤرخو العرب، وإذا جاز للمؤرخ أن يلحظ عمل الوراثة في هذا المقام، فإنا نقول أنها ورثت عن أبويها مزايا السؤدد العربي، من نبل وكرم خلق ووفاء وشجاعة؛ كما لقفت من عمومتها تلك الاستنارة العقلية، وذلك السمو الروحاني الذي أعدها لتقدير الدعوة الإسلامية وقبولها عن طيب نفس وطواعية خاطر

تزوجت خديجة مرتين في مقتبل حياتها وقبل تزوجها من محمد بن عبد الله. تزوجت للمرة الأولى من عتيق بن عائذ بن عبد الله بن مخزوم، ثم مات عنها عتيق فتزوجت بعده أبا هالة هند بن زرارة التميمي. ثم توفى أبو هالة فغدت أيما. وقد ورثت على ما يظهر عن أبويها وزوجيها ميراثاً قيما رأت أن تقوم على استغلاله في التجارة التي كانت مرتزق قريش في ذلك الزمان. فكانت كما يحدثنا الرواة تستأجر الرجال في الاتجار بمالها لقاء نصيب تسهمه لهم من الربح

<<  <  ج:
ص:  >  >>