الأحلام
ويكون الهواءُ كأنه من شفاهٍ متحابّة يتنفس بعضُها على بعض
ويعود كل شيء يلتمع لأن الحياة كلَّها ينبض فيها عرقُ النور
ويرجع كل حي يغني لأن الحب يريد أن يرفع صوته
وفي الربيع لا يضيءُ النورُ في الأعين وحدها، ولكن في القلوب أيضاً
ولا ينفذُ الهواءُ إلى الصدور فقط ولكن إلى عواطفها كذلك
ويكون للشمس حرارتان إحداهما في الدم
ويطغَي فيضان الجمال كأنما يراد من الربيع تجربةُ منظر من مناظر الجنة في الأرض
والحيوان الأعجم نفسُه تكون له لَفَتاتٌ عقلية فيها إدراكُ فلسفة السرور والمرح
وكانت الشمسُ في الشتاء كأنها صورةٌ معلقة في السحاب
وكان النهارُ كأنه يضيء بالقمر لا بالشمس
وكان الهواءُ مع المطر كأنه مطرٌ غير سائل
وكانت الحياة تضع في أشياءَ كثيرة معنى عبوس الجوّ
فلما جاء الربيع كان فرحُ جميع الأحياء بالشمس كفرح الأطفال رجعت أمهم من السفر
وينظر الشباب فتظهر له الأرض شابة
ويشعر أنه في معاني الذات أكثر مما هو في معاني العالم
وتمتلئ له الدنيا بالأزهار، ومعاني الأزهار، ووحي الأزهار
وتخرج له أشعةُ الشمس ربيعاً وأشعةُ قلبه ربيعاً آخر
ولا تنسى الحياةُ عجائزها، فربيعُهم ضوءُ الشمس. . .
ما أعجب سر الحياة! كل شجرة في الربيع جمال هندسي مستقل
ومهما قطعت منها وغيرت من شكلها أبرزتها الحياةُ في جمال هندسي جديد كأنك أصلحتها
ولو لم يبق منها إلا جذر حيّ أسرعت الحياة فجعلت له شكلا من غصون وأوراق
الحياة الحياة. إذا أنت لم تفسدها جاءتك دائماً هداياها
وإذا آمنت لم تعد بمقدار نفسك ولكن بمقدار القوة التي أنت بها مؤمن
(فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحي الأرض بعد موتها)