للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن أجل ذلك كان الأدب رسالة عامة يفهمها الناس جميعا ويطربون لها، فكيف التقى الأدب والعلم؟

إن الثقافة الحديثة هي التي قربت بين المتباعدين، وألفت بين المتنافرين، فلقد أنتجت كثيرا من العلماء المتأدبين، أو الأدباء العالمين، وقد وجد هؤلاء من حقائق العلم ما هو أعجب من أوهام الخيال، وبصروا بعين العلم مشاهد ترتد عنها العين غير العلمية كليلة لا تبلغ جمالها ولا تدرك ما فيها من فتنة.

وسمعوا بأذن العلوم موسيقى رائعة دقيقة لا تصل الى الأذان غير العلمية، ووصل العلم بين الماضي والحاضر، والقريب والبعيد، والحياة والفناء، والمادة والطاقة.

وسلك الكل في وحدة (كونية) تضاءلت أمامها الوحدة (الإنسانية) وطلع علينا أدب كوني أسمى وأروع وأبدع من الأدب الإنساني الضيق.

حطم الأدباء العالمون الحواجز التي كانت تعزل العلم عن الجماهير، وأسبغوا مواهبهم الأدبية على حقائق العلم فكسوها حلة فتانة قربتها للجماهير، فكانت غذاء لعقولهم وشفاء لقلوبهم. . .

وبين يدي مثل رائع لهذا الأدب العلمي هو كتاب (النجوم في مسالكها) الذي وضعه بالإنجليزية العلامة السير جيمس جينز، ونقله الى العربية صديقنا الدكتور أحمد عبد السلام الكر دانى.

هو سياحة في الكون على أجنحة الخيال العلمي، تعبر بك ملايين السنين والأميال وتنقلك الى عوالمه، وتقف بك عند السيارات والكواكب، وتخترق بك الشمس، وتريك أسرار كل هذه العوالم وستنسى نفسك وأنت تسبح مع الكاتب كما نسيت نفسي؛ ثم تؤوب منها كما عدت منها وقد امتلأت يقينا بجلال الله وعظمته، وشعوراً بقدرته وبالغ حكمته، وسترى كما رأيت مبلغ غرور الإنسان وهو ليس إلا هباءة حقيرة في جزء حقير من الكون! وتعجب كيف طوعت له نفسه أن يناصب العداء هذا الخالق العظيم الذي دبر هذا الكون الذي لا ندرك مداه فأحكم تدبيره.

ومالي أقطع عليك بالوصف لذة تلك السياحة وأنت لابد قارئها وواجد فيها ما وجدت. وفوق ما وجدت، ولقد وفق صديقي (الكر دانى) كل التوفيق في تعريب الكتاب فجاءت عباراته

<<  <  ج:
ص:  >  >>