الأدبية. ففي المدينة كان منا إجماع على اعتناق الأدب المصري أسلوبا وتفكيرا، وفي مكة وجدة تمسكت طائفة بذيول الأدب الهجري، وأخرى اعتنقت الأدب المصري. وكل سار في اتجاهه يكتب ويفكر، ويفكر ويكتب. حتى كان تفاعل فكريّ في الآونة الأخيرة أنتج (توحيد) مناهج الأدب الحجازي في انتهاج سبيل الأدب المصري وحده. ومن هنا وبسبب تضافر الجهود وقوة الاتحاد رأينا الأدب الحجازي يخطو إلى الأمام خطوات سريعة تشف عن استعداد عظيم
على أن حياتنا الأدبية بسبب حداثة عهدها ولكونها نتيجة ثقافة محدودة فأنها ما تزال بحاجة إلى الإصلاح والتغذية، وإلى التنظيم والنضوج. فالاضطراب الفكري والارتجاج الكتابي، ظاهرتان ما تزالان تلازمانها فيما تنتجه من ثمار. ومع هذا فأننا لعلى اعتقاد أكيد باضمحلال هاتين الظاهرتين متى تضافرت الجهود في سبيل الإصلاح
وحياتنا الأدبية إنما تستمد كيانها وعناصرها من الأدب العربي الإسلامي القديم، كمؤلفات الجاحظ وقصائد المتنبي، ومن نتائج قرائح أدباء مصر المعاصرين؛ وقلما تأخذ أية فائدة أو تستمد أية فكرة عن الأدب الغربي رأساً لعدم إلمام الأكثرية الساحقة من القائمين بها باللغات الأجنبية إلماماً يؤهلهم للإفادة والاستفادة
ولقد خطت حياتنا الأدبية خطوات مباركة في سبيل النشر والتأليف، فمع وجود كثير من العقبات والحوائل قد ظهر في عالم المطبوعات كتب أدب حجازية منها: كتاب أدب الحجاز، وكتاب آثار المدينة المنورة، ورواية التوأمان، وإصلاحات في لغة الكتابة والأدب، والتحفة الشماء في تاريخ العين الزرقاء، وحياة سيد العرب، والانتقام الطبعي
وفي الحجاز اليوم صحيفة أدبية هي الأولى من نوعها، وهي (صوت الحجاز) التي تصدر بمكة، وهذه الصحيفة هي المنبر الوحيد الذي يتبارى من فوقه حملة الأقلام في الحجاز، وفي نية بعض إخواننا من أدباء المدينة وشبابها إنشاء صحيفة في المدينة كصوت الحجاز، ونرجو لهم التوفيق، لأن الصحافة كما أنها عنوان رقي البلاد فأنها الباعث الوحيد لإنهاضها وإنعاشها في هذا العصر
وخلاصة القول أن في الحجاز اليوم حياة أدبية، وإحساساً أدبياً، زاخرين بالآمال في مستقبل أدبي مجيد رائع لهذه البلاد. والآمال هي مصابيح الحياة؛ ومادامت حياتنا الأدبية