أسر بأنني سأعيش ميتا ... به ويسوءني إن مت حيا
ويروى له: -
ألحاظكم تجرحنا في الحشا ... ولحظنا يجرحكم في الخدود
جرح بجرح فاجعلوا ذا بذا ... فما الذي أوجب جرح الصدود
وأرسل إليه الشاعر ابن اللبانة بأبيات يواسيه بها ويحثه على النهوض وهي: -
يا روضة أضحى النسيم لسانها ... يصف الذي تهديه من أرجائها
ومن اغتدى ثم اهتدى لطريقة ... ما ضل من يسعى على منهاجها
طافت بكعبتك المعالي إذ رأت ... أن النجوم الزهر من حُجاجها
شغلت قضيتك النفوس فأصبحت ... مرضى وفي كفيك سر علاجها
هلا كتبت إلى الوزير برقعة ... تصبو معاطفه إلى ديباجها
تجد السبيل لهم ولا تك للمنى ... وينير سعيهم بنور سراجها
أنت السماء فما بها لك رفعة ... طلعت عليه الشهب من أبراجها
وضحت مفارق كل فضل عنده ... فاجعل قريضك درة في تاجها
فكتب إليه المترجم:
يا منجدي والدهر يبعث حربه ... شعثاء قد لبست رداء عجاجها
لله درك إذ بسطت إلى الرضا ... نفساً تمادى الدهر في إحراجها
وأرقت ماء الود في نار الأسى ... كالراح يُسكر حدُّها بمزاجها
فيَّأتِني تلك الغمام فبرّدت ... من غلة كالنار في إنضاجها
فأويت تحت ظلالها ووجدت بر ... د نسيمها وكرعت في ثجاجها
قل كيف تنعش بعد طول عثارها ... أم كيف تفتح بعد سدر تاجها
لأزيد في أمري وضوحاً بعد ما ... قامت براهين على منهاجها
فأكون إن زدت الصباح أدلة ... خرقاء تمشي في الضحة بسراجها
دعني أبرد بالقناعة غلة ... يأس النفوس أحق في أثلاجها
بكر بخلت على الأنام بوجهها ... ومنعتها من ليس من أزواجها
وصرفتها محجوبة بصوانها ... مثل السلوك تصان في أدراجها