التي تناولت الأمم بالهدم والبناء. . . . وكل ذلك بأسلوب طلي، وروح
وثاب، وعبارة مشرقة غير مملولة. ولا يكاد القارئ يلتمس شيئا في
خلاصة ولز هذه إلا وجدها، وهذه مهارة تحمد للمؤلف، والخلاصة
على نفاستها رخيصة الثمن جدا بحيث يستطيع القارئ العادي اقتناءها
دون أن يرهق حبيبه.
وقد وضع ولز خلاصه ثانية لا تقل عن قيمتها عن خلاصته الأولى، ولا تزيد في ثمنها عليها، تلك هي كتابة القيم (الإنسان، عمله، ثروته، سعادته)، ويعرض فيه لطائفة رائعة من فنون العمل والحياة لا تكمل ثقافة الإنسان إلا إذا وعاها.
وقد ألف الكاتب الشاعر الإنجليزي (جون درنكووتر) خلاصته في آداب العالم، وهي برغم ما فيها من الشوائب، وما يعتور بحوثها من القصور المعيب أحياناً، خلاصة قيمة بما حفلت به من تأريخ الأدب العالمي منذ فجر التاريخ إلى اليوم في كل أمة. . . إلا الشرق! وإن يكن قد تناول آداب الشرق القديمة بفصول مشوهة مبتورة، وإن يكن أيضاً قد خص الأدب الإنجليزي بأكبر نصيب من خلاصته!
أما الخلاصة الأدبية القيمة حقاً فهي تلك التي كتبها الأديب المؤرخ الأمريكي الشهير برتن راسكو والتي سماها (جبابرة الأدب أو - أعاظم كتاب العالم)، وقد أختار لها برتن راسكو أربعين أديباً وشاعراً من أكبر أدباء التأريخ وشعرائه، بدأهم بهوميروس وختمهم بجورج مور، ثم ختم الخلاصة بلمحة عن الأدب العالمي في الخمسين سنة الأخيرة. وبرغم هؤلاء الأربعين أديباً، فأنك لا تكاد تذكر أديباً أو كاتباً في كل عصور التأريخ إلا وجدت المؤلف حام حوله، وأعطاك لمحة عما يهمك جداً من فنه وطريقته وأشهر مؤلفاته، ومع ذاك فثمن كتابه زهيد جداً.
لذلك أنصرف الناس عن الموسوعات لغلائها ولاشتمالها على موضوعات لا تهم غالبيتهم إلى الخلاصات لرخص ثمنها ولتركزها في باب بعينه كما في خلاصة الفن وخلاصة الموسيقى.