للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبل أن يصبح روائياً؛ على أن الانتقال من النقد إلى الأدب، والمسرح، أو الرواية أمر مألوف في إيطاليا.

قبل الحرب العظمى كان بابيني ألمع شخصية في سماء الأدب، ومحور الحياة الفكرية في الأوساط الإيطالية؛ وقد ظفر بهذه الشهرة إثر المقالات النقدية العنيفة التي كان ينشرها بعنوان (التدمير)، والدراسات الفلسفية التي تحدى - شوبنهاور ونيتشه وهيجل، وأساتذة مدرسة الفلسفة الألمانية. ثم بفضل المجلات الأدبية العديدة التي كان يصدرها لثلاثين ما خلت، أي في الوقت كانت الشبيبة الإيطالية تتلهف على اتهام كل ما يقدمه إليها من ألوان الثقافة الحديثة، فوجدوا ضالتهم بابيني، ومجدوا من شانه. ولكن شباب هذا الجيل سرعان ما حولوا اتجاههم الأدبي عن فنه، إذا أنهم لم يجدوا شيئاً يتعلمونه في كتبه سوى فلسفة جامدة، وفن جاف مضطرب، وتبشير بأساليب الكثلكة مع الرجوع إلى أحضان الكنيسة.

وتعد أقوى روايات بابيني على الإطلاق (مذكرات الله) التي تحدث فيها عن خلق العالم ونشأته، فرواية (الرجل الذي انتهى)، وقد رسم بين سطورها حياة المتاعب والآلام التي تنتاب طبقة المفكرين الذين يقضون نصف أعمارهم بين بطون الكتب، والنصف الآخر في ظلال الفلسفة والنظريات السفسطائية.

(البقية في العدد القادم)

محمد أمين حسونة

<<  <  ج:
ص:  >  >>