للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إشراقة واحدة من حبيبه القمر ليصف فيها منظر أشعته الفضية على أوراق الكرمب.

ونال أمنيته بعد أن نال منه القمر كل أمانيه!!

روبرت أون والعمال

تنتقل مصر رويداً رويداً من الطور الزراعي الذي لا يتفق ومدنية هذا العصر إلى الطور الصناعي. . . طور المدنية والقوة والسيادة. وقد رأت إنجلترا مثل هذا الانتقال، ورأت فيه جملة ثورات اجتماعية كانت الاشتراكية أهمها جميعاً. والاشتراكية تعنى سعادة البشر ومكافحة الفقر، ومن هنا انضواء غالبية المفكرين تحت لوائها وسهرهم على تعميمها في كل مناحي الحياة حتى في دور العلم! ويعتبر روبرت أوِن (١٧٧١ - ١٨٥٨) خالق الاشتراكية وواضع مبادئها بالعلم والعمل، بل هو الذي استحدث هذه الكلمة في النصف الأول من القرن التاسع عشر (١٨٣٥). ومن العجيب أنه كان من أكبر غزالي القطن في منشستر، وله جملة ابتكارات في صناعة الغزل تعتبر أسُساً لتقدمها.

وكان أون يحب الاختلاط بالعمال، ودأب من كثب على دراسة أحوالهم ومعايشهم، وكان يروعه فقرهم وقذارتهم وعدم قيام رواتبهم الضئيلة بحوائجهم، فنذر، إذا واتاه الحظ، أن يحدث في حياتهم ثورة تطفر بهم إلى السعادة. . . وقد حققت الأيام مطامحه فأصبح من أغنياء منشستر، وذكر نذره فأنشأ مصانعه العظيمة في نيولانارك على أحد النظم وعلى أحسن القواعد الصحية، وكان أهم ما عمله لترقية العمال تحسين أجورهم وتقليل ساعات العمل (وكانت ١٢ ساعة فخفضها إلى عشر، ثم إلى ثمان)، وأنشأ لهم مساكن صحية، وحرّم العمل على صغار الأطفال (أقل من عشر سنوات)، وضمن التعليم الابتدائي بالمجان لأبنائهم، وأنشأ لعماله مستشفي بجوار المصنع جلب إليه أمهر الأطباء وأحدث الآلات الطبية، ووضع للطاعنين في السن منهم نظاماً يكفل لهم شيخوخة سعيدة.

ولم يكتف أوان باستخدام هذه النظم لرفاهية العمال في مصانعه فقط، بل عمل على تعميمها في المصانع الأخرى. . . ولذلك ثار في وجهه أصحاب هذه المصانع، وكان أكثرهم من اليهود، ممن لا هم لهم إلا امتصاص دماء الإنسانية وصهرها ثم تحويلها إلى ذهب! ولكن أون العظيم صمد لهم، وما زال بالشعب وبالعمال وبالحكومة حتى انتصرت مبادئه، وأصبح العامل الإنجليزي مدى قرن من الزمان أسعد ألف مرة من إخوانه في جميع الآفاق.

<<  <  ج:
ص:  >  >>