والذي سواك من نور الضحى ... بعد أن لم تك في ماضيك شيَّا
والذي أرسلني منكَ إلى ... كلِّ من يشعرُ للحب نبيا
والذي اكسب نفسي نغماً ... باعثاً للحسن في الناس دويا
والذي أبدعَ في صوتك ما ... يملأُ السمع به خمراً شهيا
غنِّنيِ شعري وقل في طربٍ ... غرَّدَ العصفورُ للصبح فهيا!
جلَّ من أنشاكَ في صورته ... مثلاً في حسنكَ الزاهي عليا
وحباني الحب حتى ما أرى ... غيرَ حبي كان حبا عبقريا
جلَّ من أرسل منِّي شاعراً ... يتغنى فيك بالشعر شجيا
أنت في شعري جميلٌ خالدٌ ... بعد ما يطوي حياتي الدهر طيا
آه لو تفهمه لم تنسني ... أبدَ الدهر ولو كنت نَسِيا
هاك رتِّله، ففي ترتيله ... ما الباكيَ النفس رضيا
فهو مثلُ الصبح، في آيته ... ما يعيد الأمل الحلو قويا
هاهو الصبحُ، فلولا حسنه ... كانت الدنيا جحيما أبديا
سطَّر الرحمنُ في صفحته ... نورَه نوراً سماوياً سنيا
وأجاد الله في صنعته ... لم يدع في خلقه للنقص شيا
ليتَ شعري ما عسى جنته ... تلك حيث النفس لا تلقي رديا
طهِّرتْ من نقصنا وأُبتهجتْ ... من سناهُ كاملاً فيها جليا
ليتني رضوانُها أو ليتني ... ملَكٌ فيها يظلُّ الدهر حيا
وأرى شخصاً فيها ملكاً ... نتناجى الحب في الخلد سويا
تتناجى حُبَّنا عن كثبٍ ... ويكون الحبُّ حباُ أبديا
ونرى الرحمنَ فيها أو نرى ... من يرى الرحمنَ في الخلد هنيا
فهناك المثلُ الأَعلى لمن ... عَرف الأَدنى من الدنيا قويا
قم إذن نسعَ إلى الروض سويا ... يا حبيبي، فتَّح الصبح فهيا!
لا يطيب العيش لي منفرداً ... أو أرى وحدي جلال الحسن شيا
لو ملكت الخلد وحدي لم أكن ... لا عن النفس ولا عنه رضيا